ومنها قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء إلا ما قد سلف (1). قد ورد الحكم من الشرع على عدم جواز المناكحة مع منكوحة الاباء، ولازمه المؤاخذة على تلك المناكحة، فالاستثناء بقوله: إلا ما قد سلف، يفيد رفع المؤاخذة عن ذلك العمل امتنانا إذا كان (في السلف) قبل الإسلام، وهذا هو معنى القاعدة.
ومنها قوله تعالى: عفى الله عما سلف (2). دلت - بعد القاء الخصوصية عن المورد - على أن الإسلام يغفر به ما سلف عن الكفار من المعاصي حال كفرهم.
2 - النبوي المشهور بين الفريقين: ولفظه نفس القاعدة: (الاسلام يجب ما قبله) وقد ذكر هذا النبوي في عدة كتب وموارد شتى مثل: مجمع البحرين وسيرة ابن هشام والسيرة الحلبية والطبقات الكبرى والبحار - في ذكر قضايا أمير المؤمنين - وغيرها ولكن الحديث مرسل. ولا يرفع الأشكال الوارد من ناحية الإرسال بواسطة الشهرة كما هو واضح.
قال المحقق صاحب الجواهر: أن (الاسلام يجب ما قبله) المنجبر سندا ودلالة بعمل الأصحاب، الموافق لقوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (3) والذي يسهل الخطب أن مضمون الحديث موافق للكتاب، فلم نواجه الأشكال من ناحية السند.
3 - السيرة النبوية: من المعلوم أن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله قد جرت على هذا الأسلوب (العفو عما سلف) ولم يكلف النبي صلى الله عليه وآله أحدا من أصحابه على قضاء ما فات منه من العبادات، حال الكفر، وما أمر صلى الله عليه وآله بإقامة الحد على عمل ارتكبه الأصحاب قبل الإسلام، ولا خلاف ولا اشكال في المسألة.