(الأول) الإنشاء العام بنحو القضية الحقيقية: كقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (1). هذا القسم بظهوره يشمل الجميع، لأن مفاده تحقق الحكم في فرض تحقق الموضوع بلا فرق بين الحاضر والغائب.
(الثاني): الخطابات الشفاهية: مثل قوله تعالى: أقيموا الصلاة وغيره، هذا القسم بالأسلوب الأولى منصرف إلى الحاضرين ولكن قرر في الأصول عدم اختصاصه بالحضور، كما قال المحقق صاحب الكفاية: ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل (يا أيها الناس اتقوا، ويا أيها المؤمنون) بمن حضر مجلس الخطاب بلا شبهة ولا ارتياب، ويشهد لما ذكرنا صحة النداء بالأدوات مع إرادة العموم من العام الواقع تلوها بلا عناية (2).
ولا يخفى أن الأشكال إنما هو على القول بأن الخطاب يتوجه إلى المكلفين الحاضرين، وأما إذا قلنا بان الخطاب موجه إلى النبي صلى الله عليه وآله فلا مجال للاشكال، كما قال: وأما إذا قيل بأنه (النبي صلى الله عليه وآله) المخاطب والموجه إليه الكلام حقيقة وحيا أو إلهاما فلا محيص إلا عن كون الأداة في مثله (أيها الناس) للخطاب الإيقاعي ولو مجازا، وعليه لا مجال لتوهم اختصاص الحكم المتكفل له الخطاب بالحاضرين بل يعم المعدومين فضلا عن الغائبين (3).
3 - الأصل: وهو الاستصحاب بمعنى أن الأحكام الثابتة لجماعة من المسلمين في صدر الإسلام يستصحب بقاؤها في الأزمنة المتأخرة للجميع ويتم أركان الاستصحاب، كما قال المحقق صاحب الكفاية: لا فرق بين أن يكون المتيقن من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة إذا شك في بقائه وارتفاعه بنسخه في هذه الشريعة، لعموم أدلة الاستصحاب (1). ومن المعلوم أن الاستصحاب إذا كان تاما في أحكام الشريعة السابقة يكون تاما - بالأولوية - في