والجواب عن الأول: أنه حكاية فعل والقول أولى من الفعل ولأنه كيفية مندوبة يجوز فعلها في وقت دون الآخر وسوغ تركها للنبي صلى الله عليه وآله في بعض الأوقات ليكون أبلغ في تعريف جواز الترك ورواية أبي هريرة معارضة بالرواية التي نقلناه عنه وذلك مما يوجب تطرق التهمة إليه وقول أبي سعيد لا حجة فيه لجواز أن يكون الامر غير النبي صلى الله عليه وآله. فروع: [الأول] رفع الركبتين عند القيام يستحب أن يكون سابقا على رفع اليدين لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه. [الثاني] يستحب أن يكون وضع يديه رفعة واحدة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السلام تضعهما معا. [الثالث] هذه الكيفيات مستحبة لا واجبة عملا بالأصل وبما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه أيبدأ فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه؟ قال: لا يضره بأي ذلك بدأ فهو مقبول منه وروى أبو بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس إذا صلى الرجل أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه. [الرابع] لو كان بيديه مانع أو مرض وشبهه استقبل الأرض بركبتيه للعذر وإن كان الأول مندوبا. * مسألة: والارغام بالأنف حالة السجود مستحب ليس بواجب والارغام هو إلصاق الانف بالرغام وهو التراب ذهب إلى استحبابه علماؤنا أجمع وبه قال عطا وطاوس وعكرمة والحسن وابن سيرين والشافعي وأبو ثور ومحمد وأبو يوسف وأحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى: يجب السجود عليه وهو قول السعيد بن جبير وإسحاق. لنا:
ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولم يذكر الانف ولو كان واجبا لما أخر بيانه وعن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر رواه اليمام وإذا سجد على الجبهة لم يسجد على الانف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام لما علمه الصلاة قال: سبع منها فرض سجد عليها وعدها ثم قال ووضع الانف على الأرض سنة وعن محمد بن مصادف قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما السجود على الجبهة وليس على الانف سجود وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعظم الجبهة واليدين والركبتين وإبهامي الرجلين وترغم بأنفك إرغام فأما الفرض فهذه السبعة وأما الارغام بالأنف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله وهذه الأحاديث كما دل على عدم الوجوب فقد دلت على الاستحباب ولان الأصل على عدم الوجوب إلى أن يظهر منافي (المنافي) احتج الموجبون بما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده إلى الانف وفي لفظ آخر رواه ابن عباس أيضا أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة والأنف واليدين والركبتين والإبهامين وعن عكرمة قال قال النبي صلى الله عليه وآله: لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبهة. والجواب عن الأول: أنه لا يمكن أن يكون إشارته إلى الانف ويريد به الجبهة وإلا لتعين السجود عليه فلعل الراوي رأى محاذاة يديه لأول الجبهة فتوهم الانف على أن راويه ابن عباس قد اختلف رواته وذلك مما يطرق التهمة إلى الضبط فيها وقوله عليه السلام: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ثم عد الانف دليل على أنه غير مراد بأمر الوجوب وإلا لكان المأمور به ثمانية أعضاء وعن الرواية الأخيرة: أنها مرسلة قال أحمد بن حنبل: فلا تعويل عليها حينئذ لا يقال قد روى الشيخ في الموثق عن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال علي عليه السلام: لا تجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين لأنا نقول أن راويها عمار وهو ضعيف وأيضا فهي محمول على الاستحباب.
فروع: [الأول] لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزيه ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة يجزيه قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا. لنا: ما تقدم من الأحاديث الدالة على السجود على الجبهة والأنف ليس منها وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله: إذا سجدت ليكن جبهتك من الأرض والامر للوجوب ومن طريق الخاصة حديث زرارة وحماد بن عيسى ومحمد بن مصادف وقد تقدم ذلك كله احتج أبو حنيفة بأن الانف والجبهة عضو واحد فإذا سجد على الانف وجب أن يجزيه كما إذا سجد على بعض الجبهة والجواب: المنع من وحدتهما والنقض بعظم الرأس فإنه متصل بعظم الجبهة. [الثاني] لو سجد على خده أو رأسه دون الجبهة لم يجزيه بلا خلاف. [الثالث] قال السيد علم الهدى: الارغام بطرف الانف الذي بينه (يلي) الحاجبين والأقرب عندي الاكتفاء بما أصاب من الانف ليحقق المعنى المشتق منه.
[الرابع] يستحب تمكين الجبهة بما يزيد على القدر الواجب لأنه أبلغ بالقلوب الدعاء ويستحب أن يكون موضع الجبهة مساويا للموقف لأنه أنسب بالاعتدال المطلوب في السجود وأمكن المساجد ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرفع جبهته، فقال:
إني أحب أن أضع وجهي في موضع قدمي وكرهه أي وكره الرفع. * مسألة: ويستحب له أن يتجافى في حال سجوده لا يضع شيئا من جسده على شئ بل تجافى عضدته عن جنبيه وبطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه بلا خلاف روى الجمهور عن أبي حميد أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه وعن البراء أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا سجد جنح والجنح المساوي (المتساوي) رواه أبو داود ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحفص الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه وفي الحسن عن حماد بن عيسى عن زرارة عن الباقر عليه السلام لما علمه الصلاة ولم يستغن بشئ من بدنه على شئ منه في ركوع ولا سجود وكان محتجا ولم يضع ذراعيه على الأرض في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السلام لما علمه الصلاة ولا تفرش ذراعيك افتراش السبع (الأسد) ذراعيه ولا تضعن ذراعيك على ركبتيك و