أيضا لم يجزه إلا غسل ثالث ينوى به ولا بد، فلو حاضت امرأة بعد أن وطئت فهي بالخيار ان شاءت عجلت الغسل للجنابة وأن شاءت أخرته حتى تطهر، فإذا طهرت لم يجزها إلا غسلان، غسل تنوى به الجنابة وغسل آخر تنوى به الحيض، فلو صادفت يوم جمعة وغسلت ميتا لم يجزها أربعة أغسال كما ذكرنا (1) فلو نوى بغسل واحد غسلين مما ذكرنا فأكثر، لم يجزه ولا لواحد منهما، وعليه أن يعيدهما، وكذلك ان نوى أكثر من غسلين، ولو أن كل من ذكرنا يغسل كل عضو من أعضائه مرتين - إن كان عليه غسلان - أو ثلاثا (2) - إن كان عليه ثلاثة أغسال (3) - أو أربعا - إن كان عليه أربعة أغسال - ونوى في كل غسلة الوجه الذي غسله له (4) أجزأه ذلك والا فلا، فلو أراد من ذكرنا، الوضوء، لم يجزه إلا المجئ بالوضوء بنية الوضوء مفردا عن كل غسل ذكرنا، حاشا غسل الجنابة وحده فقط، فإنه إن نوى بغسل أعضاء الوضوء غسل الجنابة والوضوء معا أجزأه ذلك، فإن لم ينو الا الغسل فقط لم يجزه للوضوء، ولو نواه للوضوء فقط لم يجزه للغسل، ولا يجزئ للوضوء ما ذكرنا إلا مرتبا على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى * برهان ذلك قول الله تعالى: (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) فصح يقينا أنه مأمور بكل غسل من هذه الأغسال، فإذ قد صح ذلك فمن الباطل أن يجزئ عمل واحد عن عملين أو عن أكثر، وصح يقينا أنه ان نوى أحد (ما عليه من ذلك فإنما له - بشهادة) رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة -: الذي نواه فقط وليس له ما لم ينوه، (5) فان نوى بعمله ذلك غسلين فصاعدا فقد خالف ما أمره به، لا أنه مأمور بغسل تام لكل وجه من الوجوه التي ذكرنا، فلم يفعل ذلك، والغسل لا ينقسم، فبطل عمله كله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) * وأما غسل الجنابة والوضوء فإنه أجزأ فيهما عمل واحد بنية واحدة لهما جميعا للنص
(٤٣)