ان هذا لعجب! * قال على: واحتجوا في ذلك بأن قالوا: وجدنا وضوءا واحدا وتيمما واحد يجزئ عن جميع الاحداث الناقضة للوضوء، غسلا واحدا يجزئ عن جنابات كثيرة، وغسلا واحدا يجزئ عن حيض أيام، (1) وطوافا واحدا (2) يجزئ عن عمرة وحج في القران، فوجب أن يكون كذلك كل ما يوجب الغسل * قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل، لأنه لو صح القياس لم يكن القياس لان يجزئ غسل واحد (3) عن غسلين مأمور بهما على ما ذكروا في الوضوء -: بأولى من أن يقاس حكم من عليه غسلان على من عليه يومان من شهر رمضان، (4) أو رقبتان عن ظهارين، أو كفارتان (5) عن يمينين، أو هديان عن متعتين، أو صلاتا ظهر من يومين، أو درهمان من عشرة دراهم عن مالين مختلفين، فيلزمهم أن يجزئ في كل ذلك صيام يوم واحد، ورقبة واحدة، وكفارة واحدة، وهدى واحد، وصلاة واحدة ودرهم واحد، وهكذا في كل شئ من الشريعة (6) وهذا ما لا يقوله أحد، فبطل قياسهم الفاسد * ثم نقول لهم وبالله تعالى التوفيق: أما الوضوء فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ) وسنذكره إن شاء الله تعالى باسناده في باب الحدث في الصلاة، فصح بهذا الخبر أن الوضوء من الحدث جملة، فدخل في ذلك كل حدث، وقال تعالى: (وان كنتم جنبا فاطهروا) فدخل في ذلك كل جنابة، وصح أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء واحد للصلاة من كل حدث سلف، من نوم وبول وحاجة المرء وملامسة، وأنه عليه السلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد،
(٤٥)