برهان ذلك ما ذكرناه من ورود النص بأن دم الحيض أسود يعرف، وما عداه ليس حيضا، ولم يخص عليه السلام لذلك عدد أوقات من عدد، بل أوجب برؤيته أن لا تصلي ولا تصوم، وحرم تعالى نكاحهن فيه، وأمر عليه السلام بالصلاة عند إدبار والصوم، وأباح تعالى الوطئ عند الطهر منه، فلا يجوز تخصيص وقت دون وقت بذلك، وما دام يوجد الحيض فله حكمه الذي جعله الله تعالى له، حتى يأتي نص أو اجماع على أنه ليس حيضا، ولا نص ولا اجماع في أقل من سبعة عشر يوما، فما صح الاجماع فيه أنه ليس حيضا وقف عنده وانتقلت عن حكم الحائض (1) وما اختلف فيه فمردود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عليه السلام جعل الدم الأسود حكم الحيض، فهو حيض مانع مما ذكرنا، ولم يأت نص ولا اجماع على أن بعض الطهر المبيع للصلاة والصوم لا يكون قرءا في العدة، فالمفرق بين ذلك مخطئ متيقن الخطأ، قائل مالا قرآن جاء به ولا سنة، لا صحيحة ولا سقيمة، ولا قياس ولا اجماع، بل القرآن والسنة كلاهما يوجب ما قلنا: من امتناع الصلاة والصوم بالحيض، ووجودهما بعدم الحيض، ووجود الطهر وكون الطهر بين الحيضتين قرءا يحتسب به في العدة (2) قال الله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فمن حد في أيام القرء حدا فهو مبطل، وقاف مالا علم له به، وما لم يأت به نص ولا اجماع * وفى هذا خلاف في ثلاثة مواضع: أحدها أقل مدة الحيض، والثاني أكثر مدة الحيض، والثالث الفرق بين العدة في ذلك وبين الصلاة والصوم، فأما أقل مدة الحيض فان طائفة (3) قالت: أقل الحيض دفعة تترك لها الصلاة والصوم ويحرم الوطئ، وأما في العدة فأقله ثلاثة أيام، وهو قول مالك، وقد روى عن مالك: أقله في العدة خمسة
(١٩٢)