يخرج الصلاة عن كونها منوية. ولا يخرج الفاعل عن كونه ناويا مخلصا كالصوم. ولان النية من شروط الصلاة. فجاز تقدمها كبقية الشروط. ولان في اعتبار المقارنة حرجا ومشقة. فوجب سقوطه لقوله تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * (الحج:
78). ولان أول الصلاة من أجزائها. فكفى استصحاب النية فيه كسائرها. وعلم مما تقدم:
أن النية لو تقدمت قبل وقت الأداء، أو الراتبة ولو بيسير لم يعتد بها، للخلاف في كونها ركنا للصلاة. وهو لا يتقدم كبقية الأركان وأول من اشترط لتقدم النية كونه في وقت المنوية، الخرقي وتبعه على ذلك ابن الزاغوني والقاضي أبو يعلى، وولده أبو الحسين وصاحب الرعاية والمستوعب، والحاويين. وجزم به في الوجيز وغيره. ولم يذكر هذا الشرط أكثر الأصحاب. فإما لاهمالهم أو بناء منهم على الغالب. قال في الانصاف: وظاهر كلام غيرهم، أي غير من تقدم، لكن لم أر الجواز صريحا. وعلم منه أيضا: أنه إذا فسخها لم يعتد بها. لأنه صار كمن لم ينو. وعلم منه أيضا أنه إذا ارتد لم يعتد بها. لان الردة في أثناء العبادة مبطلة لها. كما لو ارتد في أثناء الصلاة. إذا تقرر ذلك فإنها تصح مع التقدم بالزمن اليسير بشرطه (حتى ولو تكلم بعدها) أي النية (وقبل التكبير) لأن الكلام لا ينافي العزم المتقدم ولا يناقض النية المتقدمة فتستمر إلى أن يوجد مناقض (وكذا لو أتى بها) أي النية (قاعدا) في الفرض، (ثم قام) فكبر لأن الواجب استحضار النية عند دخوله في الصلاة، لا أن لا تتقدم. وكذا لو نوى الصلاة وهو غير مستقبل. ثم استقبل وصلى أو وهو مكشوف العورة، ثم سترها ودخل في الصلاة، أو وهو حامل نجاسة، ثم ألقاها ودخل في الصلاة (ويجب استصحاب حكمها) أي النية (إلى آخر الصلاة) بأن لا ينوي قطعها دون استصحاب ذكرها. فلو ذهل عنها، أو عزبت عنه في أثناء الصلاة لم تبطل. لأن التحرز من هذا غير ممكن، وقياسا على الصوم وغيره. وقد روى مالك في الموطأ عن النبي (ص): إذا أقيمت الصلاة أدبر الشيطان وله حصاص. فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه. يقول: أذكر كذا، أذكر كذا، حتى يضل أحدكم أن يدري كم صلى وإن أمكنه استصحاب ذكرها فهو أفضل (فإن قطعها) أي النية (في أثنائها) أي الصلاة بطلت. لأن النية شرط في جميعها. وقد قطعها. أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها (أو عزم عليه) أي على قطع النية بطلت. لأن النية عزم جازم. ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية (أو تردد فيه) أي في قطعها. بطلت الصلاة، لأن استدامة النية شرط لصحتها، ومع التردد تبطل الاستدامة