(فصل) وإذا اشترط البائع منفعة المبيع وأراد المشتري أن يعطيه ما يقوم مقام المبيع في المنفعة أو يعوضه عنها لم يلزمه قبوله وله استيفاء المنفعة من غير لمبيع نص عليه أحمد لأن حقه تعلق بها فأشبه ما لو استأجر عينا فبذل له الآخر مثلها ولان البائع قد يكون له غرض في استيفاء منافع تلك العين فلا يجبر على قبول عوضها، فإن تراضيا على ذلك جاز لأن الحق لهما ولا يخرج عنهما، وان أراد البائع إعارة العين أو اجارتها لمن يقوم مقامه فله ذلك في قياس المذهب لأنها منافع مستحقة له فملك ذلك فيها كمنافع الدار المستأجرة والموصى بمنافعها ولا يجوز اجارتها الا لمثله في الانتفاع، فإن أراد إجارتها أو اعارتها لمن يضر بالعين بانتفاعه لم يجز ذلك كما لا يجوز له إجارة العين المستأجرة لمن لا يقوم مقامه ذكر ذلك ابن عقيل (فصل) إذا اشترط المشتري منفعة البائع في المبيع فأقام البائع مقامه من يعمل العمل فله ذلك لأنه ههنا بمنزلة الأجير المشترك يجوز أن يعمل العمل بنفسه وبمن يقوم مقامه، وان أراد بذل العوض عن ذلك لم يلزم المشتري قبوله، وان أراد المشتري أخذ العوض عنه لم يلزم البائع بذله لأن المعاوضة عقد تراض فلم يجبر عليه أحد وان تراضيا عليه احتمل الجواز لأنها منفعة يجوز أخذ العوض عنها لو لم يشترطها فإذا ملكها المشتري جاز له أخذ العوض عنها كما لو استأجرها وكما يجوز أن يؤجر المنافع الموصى بها من ورثة الموصي، ويحتمل أن لا يجوز لأنه مشترط بحكم العادة والاستحسان لأجل الحاجة فلم يجز أخذ العوض عنه كالقرض فإنه يجوز أن يرد في الخبز والحمبر أقل أو أكثر، ولو أراد أن يأخذ بقدر خبزه وكسره بقدر الزيادة الجائزة لم يجز ولأنه أخذ عوض عن مرفق معتاد جرت العادة بالعفو عنه دون أخذ العوض فأشبه المنافع المستثناة شرعا وهو ما لو باع أرضا فيها زرع للبائع واستحق تبقيته إلى حين الحصاد فلو أخذه قصيلا لينتفع بالأرض إلى وقت الحصاد لم يكن له ذلك.
(فصل) ولو قال بعتك هذه الدار وأجرتكها شهرا لم يصح لأنه إذا باعه فقد ملك المشتري المنافع فإذا أجره إياها فقد شرط أن يكون له بدل في مقابلة ما ملكه المشتري فلم يصح. قال ابن عقيل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان ومعناه أن يستأجر طحانا ليطحن له كراء بقفيز منه فيصير كأنه شرط عمله في القفيز عوضا عن عمله في باقي الكراء المطحون، ويحتمل الجواز بناء على اشتراط منفعة البائع في المبيع.
(فصل) وان شرط في المبيع ان هو باعه فالبائع أحق به بالثمن فروى المروذي عنه أنه قال في معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا شرطان في بيع " يعني أنه فاسد لأنه شرط أن يبيعه إياه وأن يعطيه إياه بالثمن الأول فهما شرطان في بيع نهي عنهما، ولأنه ينافي مقتضى العقد لأنه شرط أن لا يبيعه لغيره إذا أعطاه ثمنه فهو كما لو شرط أن لا يبيعه إلا من فلان أو ان لا يبيعه أصلا، وروى عنه إسماعيل بن سعيد البيع جائز لما روي عن ابن مسعود أنه قال ابتعت من امرأتي زينب الثقفية جارية وشرطت لها ان بعتها فهي لها بالثمن الذي ابتعتها به فذكرت ذلك لعمر فقال لا تقربها ولاحد فيها شرط قال إسماعيل فذكرت لأحمد الحديث فقال البيع جائز ولا تقربها لأنه كان فيها شرط واحد للمرأة ولم يقل عمر في