{مسألة} قال (وكذلك الرطبة كل حزة) وجملة ذلك أن الرطبة وما أشبهها مما تثبت أصوله في الأرض ويؤخذ ما ظهر منه بالقطع دفعة بعد دفعة كالنعناع والهندبا وشبههما لا يجوز بيعه الا ان يبيع الظاهر منه بشرط القطع في الحال وبذلك قال الشافعي، وروي ذلك عن الحسن وعطاء، ورخص مالك في أن يشتري جزنين وثلاثا ولا يصح لأن ما في الأرض منه مستور وما يحدث منه معدوم، فلا يجوز بيعه كما لا يجوز بيع ما يحدث من الثمرة فإذا ثبت هذا فمتى اشتراها قل لم يجز له ابقاؤها لأن ما لم يظهر منها أعيان لم يتناولها البيع فيكون ذلك للبائع إذا ظهر فيفضي إلى اختلاط المبيع بغيره والثمرة بخلاف ذلك، فإن اخرها حتى طالت فالحكم فيها كالثمرة إذا اشتراها قبل بدو صلاحها ثم تركها حتى بدا صلاحها (فصل) وان اشترى قصيلا من شعير ونحوه فقطعه ثم عاد فنبت فهو لصاحب الأرض لأن المشتري ترك الأصل على سبيل الرفض لها فسقط حقه منها كما يسقط حق صاحب الزرع من السنابل التي يخلفها ولذلك أبيح لكل التقاطها، ولو سقط من الزرع حب ثم نبت من العام المقبل فهو لصاحب الأرض نص احمد على هاتين المسئلتين، ومما يؤكد ما قلنا إن البائع لو أراد التصرف في أرضه بعد فصل الزرع بما يفسد الأصول ويقلعها كان له ذلك ولم يملك المشتري منعه منه، ولو كان الباقي مستحقا له لملك منعه منه {مسألة} قال (والحصاد على المشتري فإن شرطه على البائع بطل البيع) الكلام في هذه المسألة في فصلين (الأول) أن من اشترى زرعا أو جزة من الرطبة ونحوها أو ثمرة في أصولها فإن حصاد الزرع وجذ الرطبة وجزاز الثمرة وقطعها على المشتري لأن نقل المبيع وتفريغ ملك البائع منه على المشتري كنقل الطعام المبيع من دار البائع ويفارق الكيل والوزن فإنهما على البائع لأنهما من مؤنة التسليم إلى المشتري والتسليم على البائع وههنا حصل التسليم بالتخلية بدون القطع بدليل جواز بيعها والتصرف فيها وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي ولا أعلم فيه مخالفا (الفصل الثاني) إذا شرطه على البائع فاختلف أصحابنا فقال الخرقي يبطل البيع وقال ابن أبي موسى لا يجوز وقيل يجوز فإن قلنا لا يجوز فهل يبطل البيع لبطلان الشرط على روايتين، وقال القاضي المذهب جواز الشرط ذكره ابن حامد وأبو بكر ولم أحد هذا الذي ذكره الخرقي رواية في المذهب، واختلف أصحاب الشافعي أيضا فقال بعضهم إذا شرط الحصاد على البائع فسد البيع قولا واحدا، وقال بعضهم يكون على قولين فمن أفسد قال لا يصح لثلاثة معان (أحدهما) أنه شرط العمل في الزرع قبل أن يملكه (والثاني) أنه شرط مالا يقتضيه القعد (والثالث) أنه شرط تأخير التسليم لأن معنى ذلك تسليمه مقطوعا، ومن أجازه قال هذا بيع وإجارة لأنه باعه الزرع وآجره نفسه على حصاده وكل واحد منهما يصح افراده بالعقد فإذا جمعهما جاز كالعينين وقولهم شرط العمل فيمالا يملكه
(٢٠٩)