(والرواية الثانية) أن العلة في الأثمان الثمنية وفيما عداها كونه مطعوم جنس فيختص بالمطعومات ويخرج منه عداها، قال أبو بكر وروي ذلك عن أحمد جماعة، ونحو هذا قال الشافعي فإنه قال العلة الطعم والجنس شرط، والعلة في الذهب والفضة جوهرية الثمنية غالبا فيختص بالذهب والفضة لما روى معمر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام الا مثلا بمثل. رواه مسلم، ولان الطعم وصف شرف إذا به قوام الأبدان، والثمنية وصف شرف إذ بها قوام الأموال فيقتضي التعليل بهما، ولأنه لو كانت العلة في الأثمان الوزن لم يجز اسلامهما في الموزونات لأن أحد وصفي علة ربا الفضل يكفي في تحريم النساء (والرواية الثالثة) العلة فيما عدا الذهب والفضة كونه مطعوم جنس مكيلا أو موزونا فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالتفاح والرمان والخوخ والبطيخ والكمثرى والأترج والسفرجل والإجاص والخيار والجوز والبيض ولا فيما ليس بمطعوم كالزعفران والأشنان والحديد والرصاص ونحوه، ويروى ذلك عن سعيد بن المسيب وهو قديم قولي الشافعي لما روي عن سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا ربا إلا فيما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب " أخرجه الدارقطني وقال الصحيح أنه من قول سعيد ومن رفعه فقد وهم، ولان كل واحد من هذه الأوصاف أثرا والحكم مقرون بجميعها في المنصوص عليه فلا يجوز حذفه، ولان الكيل والوزن والجنس لا يقضي وجوب المماثلة وإنما أثره في تحقيقها في العلة ما يقتضي ثبوت الحكم لا ما تحقق شرطه والطعم بمجرده لا تتحقق المماثلة به لعدم المعيار الشرعي فيه وإنما تجب المماثلة في المعيار الشرعي وهو الكيل والوزن، ولهذا وجبت المساواة في المكيل وفي الموزون وزنا فوجب أن يكون الطعم معتبرا في
(١٢٦)