في المعيار الشرعي كالحنطة بالحنطة والدقيق بالدقيق. ولنا على الشافعي أن معظم نفعه في حال رطوبته فجاز بيعه به كاللبن باللبن ولا يمتنع أن يكون موزونا أصله غير موزون كاللحم والادهان، ولا يجوز بيع الرطب باليابس لانفراد أحدهما بالنقص في ثاني الحال فأشبه الرطب بالتمر، ولا يمنع زيادة أخذ النار من أحدهما أكثر من الآخر حال رطوبتهما إذا لم يكثر لأن ذلك يسير ولا يمكن التحرز منه أشبه بيع الحديثة بالعتيقة ولا يلزم ما فيه من الملح والماء لأن ذلك ليس بمقصود فيه ويراد لمصلحته فهو كالملح في الشيرج وان يبيس الخبز فدق وجعل قتيتا بيع بمثله كيلا لأنه أمكن كيله فرد إلى أصله، وقال ابن عقيل فيه وجه آخر أنه يباع بالوزن لأنه انتقل إليه (النوع الثاني) ما فيه غيره مما هو مقصود كالهريسة والخزيرة والفالوذج وخبز الأبازير والخشكنانج والسنبوسك ونحوه فلا يجوز بيع بعضه ببعض ولا بيع نوع بنوع آخر لأن كل واحد منهما يشتمل على ما ليس من جنسه وهو مقصود كاللحم في الهريسة والعسل في الفالوذج والماء والدهن في الخزيرة ويكثر التفاوت في ذلك فلا يتحقق التماثل فيه وإذا لم يكن التماثل في النوع الواحد ففي النوعين أولى (فصل) والحكم في الشعير وسائر الحبوب كالحكم في الحنطة ويجوز بيع الحنطة والمصنوع منها بغيرها من الحبوب والمصنوع منها لعدم اشتراط المماثلة بينهما والله أعلم.
{مسألة} قال (وسائر اللحمان جنس واحد) أراد جميع اللحم وجمعه - وهو اسم جنس - لاختلاف أنواعه. ظاهر كلام الخرقي أن اللحم كله جنس واحد وذكره أبو الخطاب وابن عقيل رواية عن أحمد وهو قول أبي ثور وأحد قولي الشافعي وأنكر القاضي أبو يعلي كون هذا رواية عن أحمد وقال الانعام والوحوش والطير ودواب الماء أجناس يجوز التفاضل فيها رواية واحدة وإنما في اللحم روايتان (أحداهما) أنه أربعة أجناس كما ذكرنا وهو مذهب مالك الا انه يجعل الانعام والوحش جنسا واحدا فيكون عنده ثلاثة أصناف (والثانية) أنه أجناس باختلاف أصوله، وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وهي أصح لأنها فروع أصول هي أجناس فكانت أجناسا كالأدقة والأخباز وهذا اختيار ابن عقيل، واختار القاضي أنها أربعة أجناس وحمل كلام الخرقي عليها، واحتج بان لحم هذه الحيوانات تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها فكانت أجناسا وهذا ضعيف جدا لأن كونها أجناسا لا يوجب حصرها في أربعة أجناس ولا نظير لهذا فيقاس عليه ولا يصح حمل كلام الخرقي عليه لعدم احتمال لفظه له وتصريحه في الايمان بأنه إذا حلف لا يأكل لحما فأكل من لحم الانعام أو الطائر أو السمك حنث فيتعين حمل كلامه في عمومه في أن جميع اللحم جنس لأنه اشتراك في الاسم الواحد حال حدوث الربا فيه فكان جنسا واحدا كالطلع، والصحيح أنه أجناس