فيهما جميعا روايتين (إحداهما) لا يجري في الجميع وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم لأنه ليس بموزون ولا مكيل وهذا هو الصحيح إذ لا معنى لثبوت الحكم مع انتفاء العلة وعدم النقص والاجماع فيه (والثانية) يجري الربا في الجميع اختارها ابن عقيل لأن أصله الوزن فلا يخرج بالصناعة عنه كالخبز، وذكر أن اختيار القاضي أن ما كان يقصد وزنه بعد عمله كالاسطال ففيه الربا ومالا فلا (فصل) ويجري الربا في لحم الطير، وعن أبي يوسف لا يجري فيه لأنه يباع بغير وزن. ولنا أنه لحم فجرى فيه الربا كسائر اللحمان وقوله لا يوزن قلنا هو من جنس ما يوزن ويقصد ثقله وتختلف قيمته بثقله وخفته فأشبه ما يباع من الخبز بالعدد (فصل) والجيد والردئ والتبر والمضروب والصحيح والمكور سواء في جواز البيع مع التماثل وتحريمه مع التفاضل وهذا قول أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة والشافعي وحكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه وأنكر أصحابه ذلك ونفوه عنه، وحكى بعض أصحابنا عن أحمد رواية لا يجوز بيع الصحاح بالمكسرة، ولان للصناعة قيمة بدليل حالة الاتلاف فيصير كأنه ضم قيمة الصناعة إلى الذهب. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب مثلا بمثل، والفضة بالفضة مثلا بمثل " وعن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها " رواه أبو داود، وروى مسلم عن أبي الأشعث أن معاوية أمر ببيع آنية من فضة في أعطيات الناس فبلغ عبادة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح الا سواء بسواء عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى "
(١٢٩)