كل حال مأذونا أو غير مأذون رواية واحدة وبه يقول أبو حنيفة والشافعي، وكل ما يتعلق برقبته فإن السيد يتخير بين تسلميه للبيع وبين فدائه، فإن سلمه فبيع وكان ثمنه أقل من أرش جنايته فليس للمجني عليه الا ذلك لأن العبد هو الجاني فلا يجب على غيره شئ، وإن كان ثمنه أكثر فالفضل لسيده، وذكر القاضي أن ظاهر كلام احمد ان السيد لا يرجع بالفضل ولعله يذهب إلى أنه دفعه إليه عوضا عن الجناية فلم يبق لسيده فيه شئ كما لو ملكه إياها عوضا عن الجناية وهذا ليس بصحيح فإن المجني عليه لا يستحق أكثر من قدر أرش الجناية عليه كما لو جنى عليه حر، والجاني لا يجب عليه أكثر من قدر جنايته ولان الحق تعلق بعينه فكان الفضل من ثمنه لسيده كالرهن ولا يصح قولهم إنه دفعه عوضا لأنه لو كال عوضا لملكه المجني عليه ولم يبع في الجناية وإنما دفعه ليباع فيؤخذ منه عوض الجناية ويرد إليه الباقي ولذلك لو أتلف درهما لم يبطل حق سيده منه بذلك لعجزه عن أداء الدرهم من غير ثمنه، وان اختار السيد فداءه لزمه أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته لأن أرش الجناية إن كان أكثر فلا يتعلق بغير العبد الجاني لعدم الجناية من غيره وإنما تجب قيمته، وإن كان أقل فلم يجب بالجناية الا هو وعن أحمد رواية أخرى انه يلزمه أرش جنايته بالغا ما بلغ لأنه يجوز ان يرغب فيه راغب فيشتريه بأكثر من ثمنه فإذا منع بيعه لزمه جميع الأرش لتفويته ذلك وللشافعي قولان كالروايتين (الفصل الثالث) في تصرفاته أما غير المأذون فلا يصح بيعه ولا شراؤه بعين المال لأنه تصرف من المحجور فيما حجر عليه فيه فأشبه المفلس ولأنه تصرف في ملك غيره بغير اذنه فهو كتصرف الفضولي ويتخرج ان يصح ويقف على إجازة السيد كذلك، واما شراؤه بثمن في ذمته واقتراضه فيحتمل أن لا يصح لأنه محجور عليه أشبه السفيه، ويحتمل ان يصح لأن الحجر لحق غيره أشبه المفلس والمريض ويتفرع عن هذين الوجهين ان التصرف وإن كان فاسدا فللبائع والمقرض اخذ ماله إن كان باقيا سواء كان في يد العبد أو السيد، وإن كان تالفا فله قيمته أو مثله إن كان مثليا فإن تلف في يد السيد رجع بذلك عليه لأن عين ماله تلف في يده، وان شاء كان ذلك متعلقا برقبة العبد لأنه الذي أخذه منه، وان تلف في يد العبد فالرجوع عليه، وهل يتعلق برقبته أو ذمته؟ على روايتين وان قلنا التصرف صحيح والمبيع في يد العبد فللبائع فسخ البيع وللمقرض الرجوع فيما أقرض لأنه قد تحقق إعسار المشتري والمقترض فهو أسوأ حالا من الحر المعسر، وإن كان السيد قد انتزعه من يد العبد ملكه بذلك وله ذلك لأنه أخذ من عبده مالا في يده بحق فهو كالصيد فإذا ملكه السيد كان كهلاكه في يد العبد ولا يملك البائع والمقرض انتزاعه من السيد بحال، وإن كان قد تلف استقر ثمنه في رقبة العبد أو في ذمته سواء تلف في يد العبد أو السيد، وأما العبد المأذون له فيصح تصرفه في قدر ما أذن له فيه لا نعلم فيه خلافا ولا يصح فيما زاد نص عليه أحمد وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة إذا أذن له في نوع انفك الحجر عنه وجاز له التصرف مطلقا لأن الحجر لا يتجزأ فإذا زال بعضه زال كله ولنا أنه متصرف بالاذن فاختص تصرفه بمحل الاذن كالوكيل وقولهم ان الحجر لا يتجزأ لا يصح فإنه لو صرح بالاذن له في بيع عين ونهيه عن بيع أخرى صح وكذلك في الشراء كالوكيل
(٢٩٨)