الأمة في يد المشتري ثم مات ولدها احتمل أن يضمن تلك الزيادة لأنها زيادة في عين مضمونة أشبهت الزيادة في المغصوب، واحتمل أن لا يضمنها لأنه دخل على أن لا يكون في مقابلة الزيادة عوض فعلى هذا تكون الزيادة أمانة في يده، فإن تلفت بتفريطه أو عدوانه ضمنها والا فلا، وان تلفت العين بعد زيادتها أسقط تلك الزيادة من القيمة وضمنها بما بقي من القيمة حين أتلف. قال القاضي: وهذا ظاهر كلام أحمد (فصل) إذا باع بيعا فاسدا وتقابضا ثم أتلف البائع الثمن ثم أفلس فله الرجوع في المبيع وللمشتري أسوة الغرماء، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة المشتري أحق بالمبيع من سائر الغرماء لأنه في يده فكان أحق به كالمرتهن ولنا أنه لم يقبضه وثيقة فلم يكن أحق به كما لو كان وديعة عنده بخلاف المرتهن فإنه قبضه على أنه وثيقة بحقه (فصل) إذا قال بع عبدك من فلان على أن علي خمسمأة فباعه بهذا الشرط فالبيع فاسد لأن الثمن يجب أن يكون جميعه على المشتري، فإذا شرط كون بعضه على غيره لم يصح لأنه لا يملك المنع والثمن على غيره، ولا يشبه هذا ما لو قال أعتق عبدك أو طلق امرأتك وعلي خمسمائة لكون هذا عوضا في مقابلة فك الزوجية ورقبة العبد، ولذلك لم يجز في النكاح، أما في مسئلتنا فإنه معاوضة في مقابلة نقل الملك فلا يثبت لمن العوض على غيره، وإن كان هذا القول على وجه الضمان صح البيع ولزم الضمان (فصل) والعربون في البيع هو أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما أو غيره على أنه ان أخذ السلعة احتسب به من الثمن وان لم يأخذها فذلك للبائع، يقال عربون وأربون وعربان واربان، قال أحمد لا بأس به وفعله عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر انه أجازه، وقال ابن سيرين لا بأس به، وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا وقال أحمد هذا في معناه واختار أبو الخطاب انه لا يصح وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون، ورواه ابن ماجة، ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه لأجنبي ولأنه بمنزلة الخيار المجهول فإنه اشترط ان له رد المبيع من غير ذكر مدة فلم يصح كما لو قال ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهما، وهذا هو القياس وإنما صار أحمد فيه إلى ما روي فيه عن نافع بن عبد الحارث انه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فإن رضي عمر والا فله كذا وكذا. قال الأثرم قلت لأحمد تذهب إليه؟ قال اي شئ أقول؟ هذا عمر رضي الله عنه وضعف الحديث المروي، وروى هذه القصة الأثرم باسناده، فأما ان دفع إليه قبل البيع درهما وقال لا تبع هذه السلعة لغيري وان لم أشترها منك فهذا الدرهم لك ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ وحسب الدرهم من الثمن صح لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، ويحتمل ان الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه فيحمل عليه جمعا بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلين بفساد العربون، وان لم يشتري السلعة في هذه الصورة لم يستحق البائع الدرهم لأنه يأخذه بغير عوض ولصاحبه الرجوع فيه ولا يصح جعله عوضا عن انتظاره وتأخير بيعه من أجله لأنه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء ولان الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جازت
(٢٨٩)