كالصناعة والكتابة ونحوها فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافا (الثالث) ما ليس من مقتضاه ولا من مصلحته ولا ينافي مقتضاه وهو نوعان (أحدهما) اشتراط منفعة البائع في المبيع فهذا قد مضى ذكره (الثاني) أن يشترط عقدا في عقد نحو أن يبيعه شيئا بشرط أن يبيعه شيئا آخر يشتري منه أو يؤجره أو يزوجه أو يسلفه أو يصرف له الثمن أو غيره فهذا شرط فاسد يفسد به البيع سواء اشترطه البائع أو المشتري وسنذكره إن شاء الله تعالى (الرابع) اشتراط ما ينافي مقتضى البيع وهو على ضربين (أحدهما) اشتراط ما بني على التغليب والسراية مثل أن يشترط البائع على المشتري عتق العبد فهل يصح على روايتين (إحداهما) يصح وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي لأن عائشة رضي الله عنها اشترت بريرة وشرط أهلها عليها عتقها وولاءها فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم شرط الولاء دون العتق (والثانية) الشرط فاسد وهو مذهب أبي حنيفة لأنه شرط ينافي مقتضي العقد أشبه إذا شرط أن لا يبعه لأنه شرط عليه إزالة ملكه عنه أشبه ما لو شرط أن يبيعه، وليس في حديث عائشة انها شرطت لهم العتق وإنما أخبرتهم بإرادتها لذلك من غير شرط فاشترطوا الولاء، فإذا حكمنا بفساده فحكمه حكم سائر الشروط الفاسدة التي يأتي ذكرها، وإن حكمنا بصحته فأعتقه المشتري فقد وفى بما شرط عليه وإن لم يعتقه ففيه وجهان (أحدهما) يجبر لأن شرط العتق إذا صح تعلق بعينه فيجبر عليه كما لو نذر عتقه (والثاني) لا يجبر لأن الشرط لا يوجب فعل المشروط بدليل ما لو شرط الرهن والضمين، فعلى هذا يثبت للبائع خيار الفسخ لأنه لم يسلم له ما شرطه له أشبه ما لو شرط عليه رهنا، وان تعب المبيع أو كان أمة فأحبلها أعتقه وأجزأه لأن الرق باق فيه، وإن استغله أو أخذ من كسبه شيئا فهو له، وإن مات المبيع رجع البائع على المشتري بما نقصه شرط العتق فيقال كم قيمته لو بيع مطلقا، وكم يساوي إذا بيع بشرط العتق؟ فيرجع بقسط ذلك من ثمنه في أحد الوجهين وفي الآخر يضمن ما نقص من قيمته (الضرب الثاني) أن يشترط غير العتق مثل أن يشترط أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق ولا يطأ أو يشترط عليه أن يبيعه أو يقفه أو متى نفق المبيع وإلا رده، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن، وان أعتقه فالولاء له فهذه وما أشبهها شروط فاسدة وهل يفسد بها البيع؟ على روايتين. قال القاضي المنصوص عن أحمد ان البيع صحيح وهو ظاهر كلام الخرقي ههنا وهو قول الحسن والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى وأبي ثور (والثانية) البيع فاسد وهو مذهب أبو حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ولأنه شرط فاسد فأفسد البيع كما لو شرط فيه عقدا آخر ولان الشرط إذا فسد وجب الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولا ولان البائع إنما رضي بزوال ملكه عن المبيع بشرطه والمشتري كذلك إذا كان الشرط له فلو صح البيع بدونه لزال ملكه بغير رضاه والبيع من شرطه التراضي ولنا ماروت عائشة قالت جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي غلى تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقلت أن أحب أهلك ان أعدها لهم عدة واحدة ويكون لي ولاؤك فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت إني عرضت عليهم فأبوا الا أن يكون الولاء لهم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال " خذيها
(٢٨٦)