قيمة المسروق أو مثله لملك المسروق من وقت الاخذ فتبين انه قطع في ملك نفسه وذلك لا يجوز (وأما) وجه الابتداء فما قاله بعض مشايخنا وهو ان الضمان إنما يجب بأخذ مال معصوم ثبتت عصمته حقا للمالك فيجب أن يكون المضمون بهذه الصفة ليكون اعتداء بالمثل في ضمان العدوانات والمضمون حالة السرقة خرج من أن يكون معصوما حقا للمالك بدلالة وجوب القطع ولو بقي معصوما حقا للمالك لما وجب إذ الثابت حقا للعبد ثبت لدفع حاجته وحاجه السارق كحاجة المسروق منه فتتمكن فيه شبهة الإباحة وانها تمنع وجوب القطع والقطع واجب فينتفى الضمان ضرورة الا أنه وجب رد المسروق حال قيامه لان وجوب الرد يقف على الملك لا على العصمة ألا ترى ان من غصب خمر المسلم يؤمر بالرد إليه لقيام ملكه فيها ولو هلكت في يد الغاصب لا ضمان عليه لعدم العصمة فلم يكن من ضرورة سقوط العصمة الثابتة حقا للعبد زوال ملكه عن المحل وههنا الملك قائم فيؤمر بالرد إليه والعصمة زائلة فلا يكون مضمونا بالهلاك ويخرج على هذا الأصل مسائل إذا استهلك السارق المسروق بعد القطع لا يضمن في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله انه يضمن (وجه) هذه الرواية ان المسروق بعد القطع بقي على ملك المسروق منه ألا ترى انه يجب رده على المالك وقبض السارق ليس بقبض مضمون فكان المسروق في يده بمنزلة الأمانة فإنه إذا استهلكها ضمن (وجه) ظاهر الرواية ان عصمة المحل الثابتة حقا للمالك قد سقطت في حق السارق لضرورة امكان ايجاب القطع فلا يعود الا بالرد إلى المالك فلم يكن معصوما قبله فلا يكون مضمونا ولو استهلك رجل آخر يضمنه لان العصمة إنما سقطت في حق السارق لا في حق غيره فيضمن ولو سقط القطع لشبهة ضمن لان المانع من الضمان هو القطع وقد زال المانع ولو باع السارق المسروق من إنسان أو ملكه منه بوجه من الوجوه فإن كان قائما فلصاحبه أن يأخذه لأنه عين ملكه وللمأخوذ منه أن يرجع على السارق بالثمن الذي دفعه لان الرجوع بالثمن لا يوجب ضمانا على السارق في عين المسروق لأنه يرجع عليه بثمن المسروق لا بقيمته ليوجب ذلك ملك المسروق للسارق وإن كان هلك في يده فلا ضمان على السارق ولا على القابض هكذا روى عن أبي يوسف أما السارق فلان القطع ينفى الضمان (وأما) المشترى فلانه لو ضمنه المالك لكان له أن يرجع بالضمان عن السارق فيصير كأن المالك ضمن السارق وقطعه ينفى الضمان عنه وإن كان استهلكه القابض كان للمالك أن يضمنه القيمة لأنه قبض ماله بغير اذنه وهلك في يده وللمشتري أن يرجع على السارق بالثمن لان الرجوع بالثمن ليس بتضمين ولو اغتصبه انسان من السارق فهلك في يده بعد القطع فلا ضمان للسارق ولا للمسروق منه (أما) السارق فلانه ليس بمالك (وأما) المالك فلان العصمة الثابتة له حقا قد بطلت قال القدوري وكان للمولى أن يضمنه الغاصب لأنه لو ضمن لا يرجع بالضمان على السارق وعلى هذا يخرج ما إذا سرق ثوبا فخرقه في الدار خرقا فاحشا ثم أخرجه وهو يساوى عشرة دراهم لا يقطع لان الخرق الفاحش سبب لوجوب الضمان وأنه يوجب ملك المضمون وذلك يمنع القطع وان خرقه عرضا فقد مر الاختلاف فيه (ومنها) أن يجرى فيه التداخل فيه حتى أنه لو سرق سرقات فرفع فيها كلها فقطع أو رفع في بعضها فقطع فيما رفع فالقطع للسرقات كلها ولا يقطع في شئ منها بعد ذلك لان أسباب الحدود إذا اجتمعت وانها من جنس واحد يكتفى فيها بحد واحد كما في الزنا وهذا لان المقصود من إقامة الحد هو الزجر والردع وذلك يحصل بإقامة الحد الواحد فكان في إقامة الثاني والثالث شبهة عدم الفائدة فلا يقام ولهذا يكتفى في باب الزنا بالإقامة لأول حد كذا هذا ولان محل الإقامة قد فات إذ محلها اليد اليمنى لان كل سرقة وجدت ما أوجبت الا قطع اليد اليمنى فإذا قطعت في واحدة منها فقد فات محل الإقامة وصار كما لو ذهبت اليد اليمنى بآفة سماوية وأما حكم الضمان فلا خلاف بين أصحابنا رضي الله عنهم في أنه إذا حضر أصحاب السرقات وخاصموا فيها فقطع بمخاصمتهم انه لا ضمان على السارق في السرقات كلها لان مخاصمة المسروق منه بالقطع بمنزلة الابراء عن الضمان عندنا فإذا خاصموا جميعا فكأنهم أبرؤا واما إذا خاصم واحد في سرقة فقطع فلا ضمان على السارق فيما خوصم باجماع بين أصحابنا
(٨٥)