تبين أن اقراره لم يتضمن ابطال حق المولى في حق القطع لعدم الحق له في حقه وإن كان محجورا تقطع يده ثم إن كان المال هالكا أو مستهلكا لا ضمان عليه كذبه مولاه أو صدقه وإن كان قائما فان صدقه مولاه تقطع يده والمال للمسروق منه وان كذبه بان قال هذا مالي اختلف فيه أصحابنا الثلاثة قال أبو حنيفة تقطع يده والمال للمسروق منه وقال أبو يوسف تقطع يده والمال للمولى ولا ضمان على العبد في الحال ولا بعد العتق وقال محمد لا تقطع يده والمال للمولى ويضمن مثله للمقر له بعد العتق (وجه) قوله إن ظاهر اقرار المحجور بالمال لا يصح لان ما في يده ملك مولاه ظاهرا وغالبا وإذا لم ينفذ اقراره بالمال بقي المال على حكم ملك المولى ولا قطع في مال المولى بخلاف المأذون لان اقراره بالمال جائز وإذا جاز اقراره بالمال لغيره تثبت السرقة منه فيقطع (وجه) قول أبى يوسف أن اقراره بالحد جائز وإن كان لا يجوز بالمال إذ ليس من ضرورة جواز اقراره في حق الحد جوازه في المال ألا ترى أنه لو قال سرقت هذا المال الذي في يد زيد من عمرو يقبل اقراره في القطع ولا يقبل في المال كذا هذا (وجه) قول أبي حنيفة رحمه الله أن اقرار العبد بالحد جائز لما ذكرنا في العبد المأذون فلزمه القطع فبعد ذلك لا يخلو اما أن يقطع في المال المقر به بعينه ويرد المسروق إلى المولى واما أن يقطع في مال بغير عينه لا سبيل إلى الأول لان قطع اليد في مال محكوم به لمولاه لا يجوز ولا يجوز أن يقطع في مال بغير عينه لان الاقرار صادف مالا معينا فتعين أن يقطع في المال المقر به بعينه ويرد المال إلى المسروق منه هذا إذا كان العبد بالغا عاقلا وقت الاقرار فاما إذا كان صبيا عاقلا فلا قطع عليه لأنه ليس من أهل الخطاب بالشرائع ثم ينظر إن كان مأذونا يصح اقراره بالمال فإن كان قائما يرد عليه وإن كان هالكا يضمن وإن كان محجورا لا يصح اقراره الا بتصديق المولى فان كذبه فالمال للمولى إن كان قائما وإن كان هالكا لا ضمان عليه لا في الحال ولا بعد العتاق ولو أقر العبد بسرقة ما دون العشرة لا يقطع لان النصاب شرط ثم ينظر إن كان مأذونا يصح اقراره ويرد المال إلى المسروق منه وإن كان هالكا يضمن سواء كان العبد مخاطبا أو لم يكن وإن كان محجورا فان صدقه مولاه فكذلك وان كذبه فالمال للمولى ويضمن العبد بعد العتق إن كان مخاطبا وقت الاقرار وإن كان صغيرا لا ضمان عليه والأصل في جنس هذه المسائل ان كل ما لا يصح اقرار المولى على عبده يصح اقرار العبد فيه ثم المولى إذا أقر على عبده بالقصاص أو حد الزنا أو حد القذف أو السرقة أو القطع في السرقة لا يصح فإذا أقر العبد بهذه الأشياء يصح (وأما) إذا أقر المولى على عبده بالجناية فيما دون النفس فيما يجب فيه الدفع أو الفداء فإنه ينظر ان لم يكن عليه دين صح لان الجناية فيما دون النفس يسلك فيها مسلك الأموال فكأن المولى أقر عليه وبالدين ولو أقر عليه بالدين يصح كذا هذا وإن كان عليه دين لا يصح لأنه لو أقر عليه بالدين وعليه دين لا يصح كذا إذا أقر عليه بالجناية والله سبحانه وتعالى أعلم وعدم التقادم في الاقرار ليس بشرط لجوازه فيجوز سواء تقادم عهد السرقة أو لا بخلاف البينة والفرق ذكرناه في كتاب الحدود واختلف في العدد في هذا الاقرار انه هل هو شرط قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله ليس بشرط ويظهر بالاقرار مرة واحدة وقال أبو يوسف رحمه الله شرط فلا يقطع ما لم يقر مرتين في مكانين والدلائل ذكرناها في كتاب الحدود وكذا اختلف في دعوى المسروق منه انها هل هي شرط كون الاقرار مظهرا للسرقة كما هي شرط كون البينة مظهرة لها قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله شرط حتى لو أقر السارق انه سرق مال فلان الغائب لم يقطع ما لم يحضر المسروق منه ويخاصم عندهما وقال أبو يوسف الدعوى في الاقرار ليست بشرط ويقطع حال غيبة المسروق منه (وجه) قوله إن اقراره بالسرقة اقرار على نفسه والانسان يصدق في الاقرار على نفسه لعدم التهمة ولهذا لو أقر بالزنا بامرأة وهي غائبة قبل اقراره وحد كذا هذا ولهما ما روى أن سمرة رضي الله عنه قال للنبي عليه الصلاة والسلام انى سرقت لآل فلان فأنفذ إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم فقالوا إنا فقدنا بعيرا لنا في ليلة كذا فقطعه فلولا ان المطالبة شرط ظهور السرقة بالاقرار لم يكن ليسألهم بل كان يقطع السارق ولان كل من في يده شئ فالظاهر أنه ملكه (فأما) إذا أقر به لغيره لم يحكم بزوال ملكه عنه حتى يصدقه المقر له والغائب يجوز أن يصدقه فيه ويجوز أن يكذبه فبقي على حكم
(٨٢)