الأرش بمقداره من أرش الجراحة المقدرة (وجه) ما ذكره الطحاوي رحمه الله ان القيمة في العبد كالدية في الحر فيقدر العبد حرا فما أوجب نقصا في العبد يعتبر به الحر وكان الكرخي رحمه الله ينكر هذا القول ويقول هذا يؤدى إلى أمر فظيع وهو ان يجب في قليل الشجاج أكثر مما يجب في كثيرها لجواز أن يكون نقصان شجة السمحاق في العبد أكثر من نصف عشر قيمته فلو أوجبنا مثل ذلك من دية الحر لأوجبنا في السمحاق أكثر مما يوجب في الموضحة وهذا لا يصح والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه وهو الجنين بان ضرب على بطن حامل فألقت جنينا فيتعلق بها أحكام وجملة الكلام فيه ان الجنين لا يخلو اما أن يكون حرا بأن كانت أمه حرة أو أمة علقت من مولاها أو من مغرور واما أن يكون رقيقا ولا يخلو اما ان ألقته ميتا وما ان ألقته حيا فإن كان حرا وألقته ميتا ففيه الغرة والكلام في الغرة في مواضع في بيان وجوبها وفى تفسيرها وتقديرها وفي بيان من تجب عليه وفي بيان من تجب له أما الأول فالغرة واجبة استحسانا والقياس ان لا شئ على الضارب لأنه يحتمل أن يكون حيا وقت الضرب ويحتمل انه لم يكن بان لم تخلق فيه الحياة بعد فلا يجب الضمان بالشك ولهذا لا يجب في جنين البهيمة شئ الا نقصان البهيمة كذا هذا الا انهم تركوا القياس بالسنة وهو ما روى عن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال كنت بين جاريتين فضرب إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا وماتت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاقلة الضاربة بالدية وبغرة الجنين وروى أن سيدنا عمر رضي الله عنه اختصم إليه في املاص المرأة الجنين فقال سيدنا عمر رضي الله عنه أنشدكم الله تعالى هل سمعتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا فقام المغيرة رضي الله عنه فقال كنت بين جاريتين وذكر الخبر وقال فيه فقام عم الجنين فقال إنه أشغر وقام والد الضاربة فقال كيف ندى من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ودم مثل ذلك بطل فقال عليه الصلاة والسلام أسجع كسجع الكهان وروى كسجع الاعراب فيه غرة عبد أو أمة فقال سيدنا عمر رضي الله عنه من شهد معك بهذا فقام محمد بن سلمة فشهد فقال سيدنا عمر رضي الله عنه كدنا ان نقضي فيها برأينا وفيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى هذه القصة أيضا حمل بن مالك ابن النابغة ولان الجنين إن كان حيا فقد فوت الضارب حياته وتفويت الحياة قتل وان لم يكن حيا فقد منع من حدوث الحياة فيه فيضمن كالمغرور لما منع من حدوث الرق في الولد وجب الضمان عليه وسواء استبان خلقه أو بعض خلقه لأنه عليه الصلاة والسلام قضى بالغرة ولم يستفسر فدل ان الحكم لا يختلف وان لم يستبن شئ من خلقه فلا شئ فيه لأنه ليس بجنين إنما هو مضغة وسواء كان ذكرا أو أنثى لما قلنا ولان عند عدم استواء الخلقة يتعذر الفصل بين الذكر والأنثى فسقط اعتبار الذكورة والأنوثة فيه (وأما) تفسير الغرة فالغرة في اللغة عبد أو أمة كذا قال أبو عبيد من أهل اللغة وكذا فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روينا فقال عليه الصلاة والسلام فيه غرة عبد أو أمة فسر الغرة بالعبد والأمة وروى أنه عليه الصلاة والسلام قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة أو خمسمائة وهذه الرواية خرجت تفسيرا للرواية الأولى فصارت الغرة في عرف الشرع اسما لعبد أو أمة يعدل خمسمائة أو بخمسمائة وهذه الرواية خرجت تفسيرا للرواية الأولى ثم تقدير الغرة بالخمسمائة مذهب أصحابنا رحمهم الله تعالى وعند الشافعي رحمه الله مقدرة بستمائة وهذا فرع أصل ما ذكرناه فيما تقدم لأنهم اتفقوا على أن الواجب نصف عشر الدية لكنهم اختلفوا في الدية فالدية من الدراهم عندنا مقدرة بعشرة آلاف فكان نصف عشرها خمسمائة وعنده مقدر باثني عشر ألفا فكان نصف عشرها ستمائة ثم ابتدأ الدليل على صحة مذهبنا ان في بعض الروايات انه عليه الصلاة والسلام قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة أو خمسمائة وهذا نص في الباب (وأما) بيان من تجب عليه الغرة تجب على العاقلة لما روينا من الحديث انه عليه الصلاة والسلام قضى على عاقلة الضاربة بالدية وبغرة الجنين وروى أن عاقلة الضاربة قالوا أندى من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ودم مثل هذا بطل وهذا يدل على أن القضاء بالدية كان عليهم
(٣٢٥)