بالتجارات كلها لصار المأذون بشراء البقل مأذونا في التجارة وفيه سد باب استخدام المماليك وبالناس حاجة إليه فاقتصر على مورد الضرورة (وأما) العام المنجز فهو أن يقول أذنت لك في التجارات أو في التجارة ويصير مأذونا في الأنواع كلها بالاجماع (وأما) إذا أذن له في نوع بان قال اتجر في البر أو في الطعام أو في الدقيق يصير مأذونا في التجارات كلها عندنا وعند زفر والشافعي رحمهما الله لا يصير مأذونا الا في النوع الذي تناوله ظاهر الاذن وكذلك إذا قال له اتجر في البر ولا تتجر في الخبز لا يصح نهيه وتصرفه ويصير مأذونا في التجارات كلها وعلى هذا إذا أذن له في ضرب من الصنائع بان قال له اقعد قصارا أو صباغا يصير مأذونا في التجارات والصنائع كلها حتى كان له أن يقعد صيرفيا وصائغا وكذلك إذا أذن له أن يتجر شهرا أو سنة يصير مأذونا أبدا ما لم يحجر عليه وجه قولهما ان العبد متصرف عن اذن فلا يتعدى تصرفه مورد الاذن كالوكيل والمضارب ولهذا يثبت حكم تصرفه لمولاه (ولنا) أن تقييد الاذن بالنوع غير مفيد فيلغو استدلالا بالمكاتب وهذا لان أفئدة الاذن بالتجارة تمكين العبد من تحصيل النفع المطلوب من التجارة وهو الربح وهذا في النوعين على نمط واحد وكذا الضرر الذي يلزمه في العقد عسى لا يتفاوت فكان الرضا بالضرر في أحد النوعين رضا به في النوع الآخر فلم يكن التقييد بالنوع مفيدا فيلغو ويبقى الاذن بالتجارة عاما فيتناول الأنواع كلها مع ما أنه وجد الاذن في النوع الآخر دلالة لان الغرض من الاذن هو حصول الربح والنوعان في احتمال الربح على السواء فكان الاذن بأحدهما اذنا بالآخر دلالة ولهذا يملك قبول الهبة والصدقة من غير اذن المولى صريحا لوجوده دلالة كذا ههنا (وأما) الخاص المعلق بشرط فهو أن يقول إن قدم فلان فاشتر لي بدرهم لحما ونحو ذلك والمضاف إلى وقت أن يقول اشتر لي بدرهم لحما غذا أو رأس شهر كذا (وأما) العام المعلق بشرط فهو أن يقول إن قدم فلان فقد أذنت لك بالتجارة والمضاف إلى وقت أن يقول أذنت لك بالتجارة غدا أو رأس شهر كذا وكل واحد من النوعين يصح معلقا ومضافا كما يصح مطلقا بخلاف الحجر انه لا يصح تعليقه بشرط ولا إضافة إلى وقت بأن يقول للمأذون ان قدم فلان فأنت محجورا أو فقد حجرت عليك غدا أو رأس شهر كذا ووجه الفرق أن الاذن تصرف اسقاط لان انحجار العبد ثبت حقا لمولاه وبالاذن أسقطه والاسقاطات تحتمل التعليق والإضافة كالطلاق والعتاق ونحوهما فاما الحجر فاثبات الحق واعادته والاثبات لا يحتمل التعليق والإضافة كالرجعة ونحوها ولهذا قال أصحابنا ان الاذن لا يحتمل التوقيت حتى لو أذن لعبده بالتجارة شهرا أو سنة يصير مأذونا أبدا ما لم يوجد المبطل للاذن كالحجر وغيره الا أن يؤقت الاذن إلى وقت إضافة الحجر إليه لان معناه إذا مضى شهر أو سنة فقد حجرت عليك أو حجرت عليك رأس شهر كذا والحجر لا يحتمل الإضافة إلى وقت فلغت الإضافة وبقى الاذن بالتجارة مطلقا إلى أن يوجد المبطل (وأما) الاذن بطريق الدلالة فنحو أن يرى عبده يبيع ويشترى فلا ينهاه ويصير مأذونا في التجارة عندنا الا في البيع الذي صادفه السكون وأما في الشراء فيصير مأذونا وعند زفر والشافعي رحمهما الله لا يصير مأذونا وجه قولهما أن السكوت يحتمل الرضا ويحتمل السخط فلا يصلح دليل الاذن مع الاحتمال ولهذا لم ينفذ تصرفه الذي صادفه السكوت (ولنا) أنه يرجح جانب الرضا على جانب السخط لأنه لو لم يكن راضيا لنهاه إذ النهى عن المنكر واجب فكان احتمال السخط احتمالا مرجوحا فكان ساقط الاعتبار شرعا (وأما) التصرف الذي صادفه السكوت فإن كان شراء ينفذ وإن كان بيعا قائما لم ينفذ لانعدام المقصود من الاذن بالتجارة على ما نذكره إن شاء الله تعالى وسواء رآه يبيع بيعا صحيحا أو بيعا فاسدا إذا سكت ولم ينهه يصير مأذونا لان وجه دلالة السكوت على الاذن لا يختلف وكذلك لو رآه المولى يبيع مال أجنبي فسكت يصير مأذونا وان لم يجز البيع لما قلنا وكذلك لو باع مال مولاه والمولى حاضر فسكت لم يجز ذلك البيع ويصير مأذونا في التجارة لان غرض المولى من الاذن بالتجارة حصول المنفعة دون المضرة وذلك باكتساب ما لم يكن لا بإزالة الملك عن مال كائن ولا ينجبر هذا الضرر بالثمن لان الناس رغائب في الأعيان ما ليس في ابدالها حتى لو كان شراء ينفذ لأنه نفع محض ثم لا حكم للسكوت الا في مواضع
(١٩٢)