الخدمة لأنه هو الذي ينتفع به دون صاحب الغلة والنفقة على من يحصل له المنفعة وفى مدة الغلة على صاحب الغلة لان منفعته في تلك المدة تحصل له (وأما) الكسوة فعليهما جميعا لان الكسوة لا تتقدر بهذه المدة لأنها تبقى أكثر من هذه المدة ولا تتجدد الحاجة إليها بانقضاء هذا القدر من المدة كما تتجدد إلى الطعام في كل وقت وهما فيه سواء فكانت الكسوة عليهما لهذا المعنى فان جنى هذا العبد جناية قيل لهما افدياه لان منفعته لهما فيخاطبان به كما يخاطب به المرتهن في العبد المرهون فان فدياه كانا على حالهما وان أبيا الفداء ففداه الورثة بطلت وصيتهما لأنهما لما أبيا الفداء فقد رضيا بهلاك الرقبة فبطل حقهما والله تعالى أعلم ولو أوصى لرجل من غلة عبده كل شهر بدرهم ولآخر بثلث ماله ولا مال له غير العبد فان ثلث المال بينهما نصفان في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنه أوصى للموصى له بالغلة بجميع الرقبة إذ لا يمكن استيفاء ذلك من غلته في كل شهر الا بحبس الرقبة والمذهب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ان الموصى له بأكثر من الثلث لا يضرب الا بالثلث فالثلث يكون بينهما لكل واحد منهما السدس ويخرج الحساب من ستة فالثلث وذلك سهمان يكون بينهما سهم لصاحب الثلث يعطى له من الرقبة وسهم لصاحب الغلة يستغل وحسبت عليه غلته وينفق عليه منها كل شهر درهما لأنه هكذا أوصى وأربعة أسهم من الرقبة للورثة فإذا مات الموصى له بالغلة وقد بقي من الغلة شئ رد ذلك إلى صاحب الرقبة وكذلك ما حبس له من ثمن الرقبة يرد على صاحب الرقبة لأنه بطلت وصيته بموته فيرجع ذلك إلى صاحب الرقبة وعلى قولهما يقسم الثلث بينهما على أربعة صاحب الغلة يضرب بالجميع ثلاثة وصاحب الثلث يضرب بالثلث سهم ولو أوصى لرجل بغلة داره ولا آخر بعبد ولا آخر بثبوت فهذه المسألة على وجهين اما أن تخرج هذه الأشياء كلها من الثلث أو لا تخرج من الثلث فإن كانت تخرج من الثلث اخذ كل واحد منهم ما أوصى له به لأنه أوصى بالجميع والوصية بغلة الدار وصية بحبس رقبتها على ما بينا وإن كانت لا تخرج من الثلث لكن الورثة أجازوا فكذلك وان لم تجز الورثة ضرب كل واحد منهم بقدر حقه الا أن تكون وصية أحدهم تزيد على الثلث فلا يضرب بالزيادة على قول أبي حنيفة رحمه الله وإذا مات صاحب الغلة بطلت وصيته وقسم الثلث بين ما بقي منهم لما ذكرنا ولو أوصى بغلة داره لرجل وبسكناها لآخر وبرقبتها لا آخر وهي الثلث فهدمها رجل بعد موت الموصى غرم قيمة ما هدمه من بنائها ثم تبنى مساكن كما كانت فتؤاجر ويأخذ غلتها صاحب الغلة ويسكنها الآخر لان الوصية بالغلة والسكنى لا تبطل بهدم الدار لقيام القيمة مقام الدار كما قلنا في العبد الموصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر إذا قتل أن الوصية لا تبطل ويشترى بقيمته عبدا آخر لخدمته وكذا البستان إذا أوصى بغلته لرجل وبرقبته لآخر فقطع رجل نخله أو شجره يغرم قيمتها فيشترى بها أشجارا مثلها فتغرس فإذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بغلة داره وقيمة الدار ألف درهم وله ألفا درهم سوى ذلك فلصاحب الغلة نصف غلة الدار ولصاحب الثلث نصف الثلث فيما بقي من المال والدار خمس ذلك في الدار وأربعة أخماسه في المال (ووجه) ذلك أن يقول إن الوصية بثلث المال وصية بثلث الغلة أيضا لان الغلة مال الميت يقضى منه ديونه وإذا كان كذلك فالدار تخرج من ثلث ماله لان قيمة الدار ألف درهم وله ألفا درهم سوى ذلك فقد اجتمع في الدار وصيتان وصية بجميعها ووصية بثلثها فيجعل الدار على ثلاثة ويقسم بينهما على طريق المنازعة وصاحب الثلث لا يدعى أكثر من الثلث وهو سهم واحد والثلثان سهمان لصاحب الغلة وهو صاحب الجميع بلا منازعة لان الوصية بالغلة وصية بجميع الدار على ما ذكرنا انه يحبس جميع الدار لأجله واستوت منازعتهما في سهم واحد وكان بينهما فانكسر على سهمين فاضرب سهمين في ثلاثة فيصير ستة فصاحب الثلث لا يدعى أكثر من سهمين وأربعة أسهم خلت عن دعواه وسلمت لصاحب الجميع وهو صاحب الغلة بلا منازعة واستوت منازعتهما في سهمين فيقسم بينهما لكل واحد منهما سهم وإذا صارت الدار وهي الثلث على ستة والألفان اثنا عشر فلصاحب الثلث من ذلك الثلث أربعة أسهم فضمها إلى ستة تصير سهام الوصايا عشرة وجملة ذلك ثلاثون فنقول ثلث المال عشرة فنقسمها بينهم لصاحب الغلة خمسة أسهم كلها في الدار
(٣٩٠)