اهلاكا له فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق ولأبي حنيفة رحمه الله ان الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين ولا صنع لاحد في الجوع والعطش بخلاف الحفر فإنه سبب للوقوع والحفر حصل من الحافر فكان قتلا تسبيبا ولو أطعم غيره سما فمات فإن كان تناول بنفسه فلا ضمان على الذي أطعمه لأنه أكله باختياره لكنه يعزر ويضرب ويؤدب لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدور وهي الغرور فان أوجر السم فعليه الدية عندنا وعند الشافعي رحمة الله عليه القصاص ولو غرق انسانا فمات أو صاح على وجهة فمات فلا قود عليه عندنا وعليه الدية وعنده عليه القود والخامس أن يكون القاتل مختارا اختيار الايثار عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وعند زفر والشافعي رحمهم الله هذا ليس بشرط وعلى هذا يخرج المكره على القتل انه لا قصاص عليه عندنا خلافا لهما والمسألة مرت في كتاب الاكراه وأما الذي يرجع إلى المقتول فثلاثة أنواع أحدها ان لا يكون جزء القاتل حتى لو قتل الأب ولده لا قصاص عليه وكذلك الجد أب الأب أو أب الام وان علا وكذلك إذا قتل الرجل ولد ولده وان سفلوا وكذا الام إذا قتلت ولدها أو أم الام أو أم الأب إذا قتلت ولد ولدها والأصل فيه ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا يقاد الوالد بولده واسم الوالد والولد يتناول كل والد وان علا وكل ولد وان سفل ولو كان في ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده فلا قصاص لأنه تعذر ايجاب القصاص للولد في نصيبه فلا يمكن الايجاب للباقين لأنه لا يتجزأ وتجب الدية للكل ويقتل الولد بالوالد لعمومات القصاص من غير فصل ثم خص منها الوالد بالنص الخاص فبقي الولد داخلا تحت العموم ولان القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر والردع والحاجة إلى الزجر في جانب الولد لا في جانب الوالد لان الوالد يحب ولده لولده لا لنفسه بوصول النفع إليه من جهته أو يحبه لحياة الذكر لما يحيى به ذكره وفيه أيضا زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله فاما الولد فإنما يحب والده لا لوالده بل لنفسه وهو وصول النفع إليه من جهته فلم تكن محبته وشفقته مانعة من القتل فلزم المنع بشرع القصاص كما في الأجانب ولان محبة الولد لوالده لما كانت لمنافع تصل إليه من جهته لا لعينه فربما يقتل الوالد ليتعجل الوصول إلى أملاكه لا سيما إذا كان لا يصل النفع إليه من جهته لعوارض ومثل هذا يندر في جانب الأب والثاني ان لا يكون ملك القاتل ولا له فيه شبهة الملك حتى لا يقتل المولى بعبده لقوله عليه الصلاة والسلام لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده ولأنه لو وجب القصاص لوجب له والقصاص الواحد كيف يجب له وعليه كذا إذا كان يملك بعضه فقتله لا قصاص عليه لأنه لا يمكن استيفاء بعض القصاص دون بعض لأنه غير متجزئ وكذا إذا كان له فيه شبهة الملك كالمكاتب إذا قتل عبدا من كسبه لان للمكاتب شبهة الملك في أكسابه والشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة ولا يقتل المولى بمدبره وأم ولده ومكاتبه لأنه مماليكه حقيقة ألا ترى انه لو قال كل مملوك لي فهو حر عتق هؤلاء الا المكاتب فإنه لا يعتق الا بالنية لقصور في الإضافة إليه بالملك لزوال ملك اليد ويقتل العبد بمولاه وكذا المدبر وأم الولد والمكاتب لعمومات النصوص ولتحقيق ما شرع له القصاص وهو الحياة بالزجر والردع بخلاف المولى إذا قتل هؤلاء لان شفقة المولى على ماله تمنعه عن القتل عن سيحان العداوة الحامل على القتل الا نادرا فلا حاجة إلى الزجر بالقصاص بخلاف العبد ولو اشترك اثنان في قتل رجل أحدهما ممن يجب القصاص عليه لو انفرد والاخر لا يجب عليه لو انفرد ممن ذكرنا كالصبي مع البالغ والمجنون مع العاقل والخاطئ مع العامد والأب مع الأجنبي والمولى مع الأجنبي لا قصاص عليهما عندنا وقال الشافعي رحمه الله يجب القصاص على العاقل والبالغ والأجنبي الا العامد فإنه لا قصاص عليه إذا شاركه الخاطئ (وجه) قوله إن سبب الوجوب وجد من كل واحد منهما وهو القتل العمد الا انه امتنع الوجوب على أحدهما لمعنى يخصه فيجب على الآخر ولنا انه تمكنت شهبة عدم القتل في فعل كل واحد منهما لأنه يحتمل أن يكون فعل من لا يجب عليه القصاص لو أنفرد مستقلا في القتل فيكون فعل الآخر فضلا ويحتمل على القلب وهذه الشبهة ثابتة في الشريكين الأجنبيين الا ان الشرع أسقط اعتبارها وألحقها بالعدم فتحا لباب القصاص وسدا لباب العدوان لان الاجتماع ثم يكون أغلب وههنا أندر فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يلحق
(٢٣٥)