عينه فأشبه غاصب المدبر إذا غصب منه فمات في يد الغاصب الثاني أن للأول أن يرجع على الثاني بما ضمنه المالك لما ذكرنا كذا هذا ولأبي حنيفة رحمه الله أن الدية بدل النفس ونفس الحر لا يحتمل التملك فلا يثبت الملك لهم في البدل بخلاف المدبر لأنه محتمل للتملك لكونه قاتلا الا أنه امتنع ثبوت الملك فيه لمعارض وهو التدبير فيثبت في بدله والله سبحانه وتعالى أعلم وأما الذين يرجع إلى ولى القتيل فواحد أيضا وهو أن يكون الولي معلوما فإن كان مجهولا لا يجب القصاص لان وجوب القصاص وجوب للاستيفاء والاستيفاء من المجهول متعذر فتعذر الايجاب له وعلى هذا يخرج ما إذا قتل المكاتب وترك وفاء وورثة أحرارا غير المولى أنه لا قصاص على القاتل بالاجماع لان المولى مشتبه يحتمل أن يكون هو الوارث ويحتمل أن يكون هو المولى لاختلاف الصحابة الكرام رضي الله عنهم في موته حرا أو عبدا فان مات حرا كان وليه الوراث وان مات عبدا كان وليه المولى وموضع الاختلاف موضع التعارض والاشتباه فلم يكن الولي معلوما فامتنع الوجوب وان اجتمعا ليس لهما أن يستوفيا لان الاشتباه لا يزول بالاجتماع هذا إذا ترك وفاء وورثة غير المولى فاما إذا ترك وفاء ولم يترك ورثة غير المولى فقد اختلف أصحابنا فيه عندهما يجب القصاص للمولى وعند محمد لا يجب القصاص أصلا وهو رواية عن أبي يوسف أيضا وجه قول محمد انه وقع الاشتباه في سبب ثبوت الولاية لأنه ان مات حرا كان سبب ثبوت الولاية القرابة فلا تثبت الولاية للمولى وان مات عبدا كان السبب هو الملك فتثبت الولاية للمولى فوقع الاشتباه في ثبوت الولاية فلا تثبت ولهما أن من له الحق متعين غير مشتبه لان الاشتباه موجب المزاحمة ولم يوجد ولو قتل ولم يترك وفاء وجب القصاص بالاجماع لان الولي معلوم وهو المولى لأنه يموت رقيقا بلا خلاف فكان القصاص للمولى كالعبد القن إذا قتل وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد وولدها بمنزلة العبد القن لأنهم قتلوا على ملك المولى فكان الولي معلوما ولو قتل عبدا لمكاتب فلا قصاص لان المكاتب له نوع ملك وللمولى أيضا فيه نوع ملك فاشتبه الولي فامتنع الوجوب وعلى هذا يخرج ما إذا قطع رجل يد عبد فاعتقه مولاه ثم مات من ذلك أنه إن كان للعبد وارث حر غير المولى فلا قصاص لاشتباه ولى قصاص لان القصاص يجب عند الموت مستندا إلى القطع السابق والحق عند القطع للمولى لا للورثة وعند ثبوت الحكم وهو الوجوب وذلك عند الموت الحق للوارث لا للمولى فاشتبه المولى فلم يجب القصاص ولو اجتمع المولى مع الوارث فلا قصاص لان الاشتباه لا يزول باجتماعهما فرق بين هذا وبين العبد الموصى برقبته لانسان وبخدمته لا آخر قتل واجتمعا أنه يجب القصاص لان هناك لم يشتبه المولى لان لصاحب الرقبة ملكا ولصاحب الخدمة حقا يشبه الملك فلم يشتبه المولى وههنا اشتبه الولي لان وقت القطع لم يكن للوارث فيه حق ووقت الموت لم يكن للمولى فيه حق فصار الولي مشتبها فامتنع الوجوب وان لم يكن وارث سوى المولى فهو على الاختلاف الذي ذكرنا أن على قولهما للمولى أن يستوفى القصاص لان الحق له وقت القطع ووقت الموت وعلى قول محمد ليس له حق الاقتصاص لاشتباه سبب الولاية لان الثابت للمولى وقت القطع كان ولاية الملك وبعد الموت له ولاية العتاقة فاشتبه سبب الولاية هذا إذا كان القطع عمدا فاما إذا كان خطأ فاعتقه ثم مات من ذلك فلا شئ على القاطع غير أرش اليد وهو نصف قيمة البعد واعتاقه إياه بمنزلة برئة في اليد لتبدل المحل حكما بالاعتاق فتنقطع آية السراية هذا إذا أعتقه المولى بعد القطع عمدا أو خطأ فمات من ذلك فاما إذا لم يعتقه ولكنه دبره أو كانت أمة فاستولدها ثم مات من ذلك فإن كان القطع عمدا فللمولى القصاص لان الحق له وقت القطع والموت جميعا فلم يشتبه الولي وإن كان خطأ لا تنقطع السراية فيجب نصف القيمة دية اليد ويجب ما نقص بعد الجناية قبل الموت لحصول ذلك في ملك المولى ولو كاتبه والمسألة بحالها فإن كان القطع عمدا ينظر ان مات عاجزا فللمولى القصاص لأنه مات عبدا وان مات عن وفاء فإن كان له وارث يحجب المولى أو يشاركه لا يجب القصاص لاشتباه الولي وعليه أرش اليد لا غير ولو لم يكن له وارث غير المولى فللمولى أن يقتص عندهما وعند محمد ليس له ان يقتص وعليه أرش اليد وإن كان القطع خطأ لا شئ على القاطع الا أرش اليد وهو نصف القيمة للمولى وتنقطع السراية
(٢٤٠)