بدلالته لأنه نوع تحريض على اصطياده وان رآه المدلول بدلالته فقتله فعليه الجزاء عند أصحابنا وقال الشافعي لا جزاء عليه وجه قوله إن وجوب الجزاء متعلق بقتل الصيد ولم يوجد ولنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الدال على الشئ كفاعله وروى الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله فظاهر الحديث يقتضى أن يكون للدلالة حكم الفعل الا ما خص بدليل وروى أن أبا قتادة رضي الله عنه شد على حمار وحش وهو حلال فقتله وأصحابه محرمون فمنهم من أكل ومنهم من أبى فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم هل أشرتم هل أعنتم فقالوا لا فقال كلوا إذا فلولا ان الحكم يختلف بالإعانة والإشارة والا لم يكن للفحص عن ذلك معنى ودل ذلك على حرمة الإعانة والإشارة وذا يدل على وجوب الجزاء وروى أن رجلا سأل عمر رضي الله عنه فقال إني أشرت إلى ظبية فقتلها صاحبي فسأل عمر عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنهما فقال ما ترى فقال أرى عليه شاة فقال عمر رضى الله تعالى عنه وانا أرى مثل ذلك وروى أن رجلا أشار إلى بيضة نعامة فكسرها صاحبه فسأل عن ذلك عليا وابن عباس رضي الله عنهما فحكما عليه بالقيمة وكذا حكم عمر وعبد الرحمن رضي الله عنه ما محمول على القيمة ولان المحرم فدا من الصيد باحرامه والدلالة تزيل الامن لان أمن الصيد في حال قدرته ويقظته يكون بتوحشه عن الناس وفى حال عجزه ونومه يكون باختفائه عن الناس والدلالة تزيل الاختفاء فيزول الامن فكانت الدلالة في إزالة الامن كالاصطياد ولان الإعانة والدلالة والإشارة تسبب إلى القتل وهو متعد في هذا التسبب لكونه مزيلا للأمن وانه محظور الاحرام فأشبه نصب الشبكة ونحو ذلك ولأنه لما أمن الصيد عن التعرض بعقد الاحرام والتزم ذلك صار به الصيد كالأمانة في يده فأشبه المودع إذا دل سارقا على سرقة الوديعة ولو استعار محرم من محرم سكينا ليذبح به صيدا فاعاره إياه فذبح به الصيد فلا جزاء على صاحب السكين كذا ذكر محمد في الأصل من المشايخ من فصل في ذلك تفصيلا فقال إن كان المستعير يتوصل إلى قتل الصيد بغيره لا يضمن وإن كان لا يتوصل إليه الا بذلك السكين يضمن المعير لأنه يصير كالدال ونظير هذا ما قالوا لو أن محرما رأى صيدا وله قوس أو سلاح يقتل به ولم يعرف ان ذلك في أي موضع فدله محرم على سكينته أو على قوسه فأخذ فقتله به انه إن كان يجد غير ما دله عليه مما يقتله به لا يضمن الدال وان لم يجد غيره يضمن ولا يحل للمحرم أكل ما ذبحه من الصيد ولا لغيره من المحرم والحلال وهو بمنزلة الميتة لأنه بالاحرام خرج من أن يكون أهلا للذكاة فلا تتصور منه الذكاة كالمجوسي إذا ذبح وكذا الصيد خرج من أن يكون محلا للذبح في حقه لقوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما والتحريم المضاف إلى الأعيان يوجب خروجها عن محلية التصرف شرعا كتحريم الميتة وتحريم الأمهات والتصرف الصادر من غير الأهل وفى غير محله يكون ملحقا بالعدم فان أكل المحرم الذابح منه فعليه الجزاء وهو قيمته في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى ليس عليه الا التوبة والاستغفار ولا خلاف في أنه لو أكله غيره لا يلزمه الا التوبة والاستغفار وجه قولهم إنه أكل ميتة فلا يلزمنه الا التوبة والاستغفار كما لو أكله غيره ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى انه تناول محظور احرامه فيلزمه الجزاء وبيان ذلك ان كونه ميتة لعدم الأهلية والمحلية وعدم الأهلية والمحلية بسبب الاحرام فكانت الحرمة بهذه الواسطة مضافة إلى الاحرام فإذا أكله فقد ارتكب محظور احرامه فيلزمه الجزاء بخلاف ما إذا أكله محرم آخر انه لا يجب عليه جزاء ما أكل لان ما أكله ليس محظور احرامه بل محظور احرام غيره وكما لا يحل له لا يحل لغيره محرما كان أو حلالا عندنا وقال الشافعي يحل لغيره أكله وجه قوله إن الحرمة لمكان انه صيد لقوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وهو صيده لا صيد غيره فيحرم عليه لا على غيره ولنا ان حرمته لكونه ميتة لعدم أهلية الذكاة ومحليتها فيحرم عليه وعلى غيره كذبيحة المجوسي هذا إذا أدى الجزاء ثم أكل فأما إذا أكل قبل أداء الجزاء فقد ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي ان عليه جزاء واحد أو يدخل ضمان ما أكل في الجزاء وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي انه لا رواية في هذه المسألة فيجوز ان يقال يلزمه جزاء آخر
(٢٠٤)