حتى لو زوجت نفسها من غير كف ء من غير رضا الأولياء لا يلزم وللأولياء حق الاعتراض لان في الكفاءة حقا للأولياء لأنهم ينتفعون بذلك ألا ترى أنهم يتفاخرون بعلو نسب الختن ويتعيرون بدناءة نسبه فيتضررون بذلك فكان لهم أن يدفعوا الضرر عن أنفسهم بالاعتراض كالمشترى إذا باع الشقص المشفوع ثم جاء الشفيع كان له أن يفسخ البيع ويأخذ المبيع بالشفعة دفعا للضرر عن نفسه كذا هذا ولو كان التزويج برضاهم يلزم حتى لا يكون لهم حق الاعتراض لان التزويج من المرأة تصرف من الأهل في محل هو خالص حقها وهو نفسها وامتناع اللزوم كان لحقهم المتعلق بالكفاءة فإذا رضوا فقد أسقطوا حق أنفسهم وهم من أهل الاسقاط والمحل قابل للسقوط فيسقط ولو رضى به بعض الأولياء سقط حق الباقين في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يسقط وجه قوله أن حقهم في الكفاءة ثبت مشتركا بين الكل فإذا رضى به أحدهم فقد أسقط حق نفسه فلا يسقط حق الباقين كالدين إذا وجب لجماعة فابرأ بعضهم لا يسقط حق الباقين لما قلنا كذا هذا ولان رضا أحدهم لا يكون أكثر من رضاها فان زوجت نفسها من غير كف ء بغير رضاهم لا يسقط حق الأولياء برضاها فلان لا يسقط برضا أحدهم أولى ولهما أن هذا حق واحد لا يتجزأ ثبت بسبب لا يتجزأ وهو القرابة واسقاط بعض ما لا يتجزأ اسقاط لكله لأنه لا بعض له فإذا اسقط واحد منهم لا يتصور بقاؤه في حق الباقين كالقصاص إذا وجب لجماعة فعفا أحدهم عنه أنه يسقط حق الباقين كذا هذا ولان حقهم في الكفاءة ما ثبت لعينه بل لدفع الضرر والتزويج من غير كف ء وقع اضرارا بالأولياء من حيث الظاهر وهو ضرر عدم الكفاءة فالظاهر أنه لا يرضى به أحدهم الا بعد علمه بمصلحة حقيقية هي أعظم من مصلحة الكفاءة وقف هو عليها وغفل عنها الباقون لولاها لما رضى وهي دفع ضرر الوقوع في الزنا على تقدير الفسخ وأما قوله الحق ثبت مشتركا بينهم فنقول على الوجه الأول ممنوع بل ثبت لكل واحد منهم على الكمال كان ليس معه غيره لان ما لا يتجزأ لا يتصور فيه الشركة كحق القصاص والأمان بخلاف الدين فإنه يتجزأ فتتصور فيه الشركة وبخلاف ما إذا زوجت نفسها من غير كف ء بغير رضا الأولياء لان هناك الحق متعدد فحقها خلاف جنس حقهم لان حقها في نفسها وفى نفس العقد ولا حق لهم في نفسها ولا في نفس العقد وإنما حقهم في دفع الشين عن أنفسهم وإذا اختلف جنس الحق فسقوط أحدهما لا يوجب سقوط الآخر وأما على الوجه الثاني فمسلم لكن هذا الحق ما ثبت لعينه بل لدفع الضرر وفى بقائه لزوم أعلى الضررين فسقط ضرورة وكذلك الأولياء لو زوجوها من غير كف ء برضاها يلزم النكاح لما قلنا ولو زوجها أحد الأولياء من غير كف ء برضاها من غير رضا الباقين يجوز عند عامة العلماء خلافا لمالك بناء على أن ولاية الانكاح ولاية مستقلة لكل واحد منهم عندنا وعند ولاية مشتركة وقد ذكرنا المسألة في شرائط الجواز وهل يلزم قال أبو حنيفة ومحمد يلزم وقال أبو يوسف وزفر والشافعي لا يلزم وجه قولهم على نحو ما ذكرنا فيما تقدم ان الكفاءة حق ثبت للكل على الشركة واحد الشريكين إذا اسقط حق نفسه لا يسقط حق صاحبه كالدين المشترك وجه قولهما ان هذا حق واحد لا يتجزأ ثبت بسبب لا يتجزأ ومثل هذا الحق إذا ثبت لجماعة يثبت لكل واحد منهم على الكمال كان ليس معه غيره كالقصاص والأمان ولان اقدامه على النكاح مع كمال الرأي برضاها مع التزام ضرر ظاهر بالقبيلة وبنفسه وهو ضرر عدم الكفاءة بلحوق العار والشين دليل كونه مصلحة في الباطن وهو اشتماله على دفع ضرر أعظم من ضرر عدم الكفاءة وهو ضرر عار الزنا أو غيره لولاه لما فعل وأما انكاح الأب والجد الصغير الصغيرة فالكفاءة فيه ليست بشرط للزومه عند أبي حنيفة كما أنها ليست بشرط الجواز عنده فيجوز ذلك ويلزم لصدوره ممن له كمال نظر لكمال الشفقة بخلاف انكاح الأخ والعم من غير الكفء انه لا يجوز بالاجماع لأنه ضرر محض على ما بينا في شرائط الجواز واما انكاحهما من الكفء فجائز عندنا خلافا للشافعي لكنه غير لازم في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لازم والمسألة قد مرت * (فصل) * وأما الثالث في بيان ما تعتبر فيه الكفاءة فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء منها النسب والأصل فيه قول النبي
(٣١٨)