لا علة بالسماء فوقف بشهادتهما قوم قبل الامام لم يجز وقوفهم لان الامام أخر الوقوف بسبب يجوز العمل عليه في الشرع فصار كما لو أخر بالاشتباه والله تعالى أعلم واما قدره فنبين القدر المفروض والواجب أما القدر المفروض من الوقوف فهو كينونته بعرفة في ساعة من هذا الوقت فمتى حصل اتيانها في ساعة من هذا الوقت تأدى فرض الوقوف سواء كان عالما بها أو جاهلا نائما أو يقظان مفيقا أو مغمى عليه وقف بها أو مر وهو يمشى أو على الدابة أو محمولا لأنه أتى بالقدر المفروض وهو حصوله كائنا بها والأصل فيه ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من وقف بعرفة فقد تم حجه والمشي والسير لا يخلو عن وقفة وسواء نوى الوقوف عند الوقوف أو لم ينو بخلاف الطواف وسنذكر الفرق في فصل الطواف إن شاء الله وسواء كان محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء لأن الطهارة ليست بشرط لجواز الوقوف لان حديث الوقوف مطلق عن شرط الطهارة ولما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها حين حاضت افعلى ما يفعله الحاج غير أنك لا تطوفي بالبيت ولأنه نسك غير متعلق بالبيت فلا تشترط له الطهارة كرمي الجمار وسواء كان قد صلى الصلاتين أو لم يصل لاطلاق الحديث ولان الصلاتين وهما الظهر والعصر لا تعلق لهما بالوقوف فلا يكون تركهما مانعا من الوقوف والله أعلم وأما القدر الواجب من الوقوف فمن حين تزول الشمس إلى أن تغرب فهذا القدر من الوقوف واجب عندنا وعند الشافعي ليس بواجب بل هو سنة بناء على أنه لا فرق عنده بين الفرض والواجب فإذا لم يكن فرضا لم يكن واجبا ونحن نفرق بين الفرض والواجب كفرق ما بين السماء والأرض وهو أن الفرض اسم لما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به والواجب اسم لما ثبت وجوبه بدليل فيه شبهة العدم على ما عرف في أصول الفقه وأصل الوقوف ثبت بدليل مقطوع به وهو النص المفسر من الكتاب والسنة المتواترة المشهورة والاجماع على ما ذكرنا فاما الوقوف إلى جزء من الليل فلم يقم عليه دليل قاطع بل مع شبهة العدم أعني خبر الواحد وهو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج أو غير ذلك من الآحاد التي لا تثبت بمثلها الفرائض فضلا عن الأركان وإذا عرف أن الوقوف من حين زوال الشمس إلى غروبها واجب فان دفع منها قبل غروب الشمس فان جاوز عرفة بعد الغروب فلا شئ عليه لأنه ما ترك الواجب وان جاوزها قبل الغروب فعليه دم عندنا لتركه الواجب فيجب عليه الدم كما لو ترك غيره من الواجبات وعند الشافعي لا دم عليه لأنه لم يترك الواجب إذ الوقوف المقدر ليس بواجب عنده ولو عاد إلى عرفة قبل غروب الشمس وقبل إن يدفع الامام ثم دفع منها بعد الغروب مع الامام سقط عنه الدم عندنا لأنه استدرك المتروك وعند زفر لا يسقط وهو على الاختلاف في مجاوزة الميقات بغير احرام والكلام فيه على نحو الكلام في تلك المسألة وسنذكرها إن شاء الله في موضعها وان عاد قبل غروب الشمس بعدما خرج الامام من عرفة ذكر الكرخي أنه يسقط عنه الدم أيضا وكذا روى ابن شجاع عن أبي حنيفة ان الدم يسقط عنه أيضا لأنه استدرك المتروك إذ المتروك هو الدفع بعد الغروب وقد استدركه وذكر في الأصل انه لا يسقط عنه الدم قال مشايخنا اختلاف الرواية لمكان الاختلاف فيما لأجله يجب الدم فعلى رواية الأصل الدم يجب لأجل دفعه قبل الامام ولم يستدرك ذلك وعلى رواية ابن شجاع يجب لأجل دفعه قبل غروب الشمس وقد استدركه بالعود والقدوري اعتمد على هذه الرواية وقال هي الصحيحة والمذكور في الأصل مضطرب ولو عاد إلى عرفة بعد الغروب لا يسقط عنه الدم بلا خلاف لأنه لما غربت الشمس عليه قبل العود فقد تقرر عليه الدم الواجب فلا يحتمل السقوط بالعود والله الموفق وأما بيان حكمه إذا فات فحكمه انه يفوت الحج في تلك السنة ولا يمكن استدراكه فيها لان ركن الشئ ذاته وبقاء الشئ مع فوات ذاته محال * (فصل) * وأما طواف الزيارة فالكلام فيه في مواضع في بيان أنه ركن وفي بيان ركنه وفي بيان شرائطه وواجباته وسننه وفي بيان مكانه وفي بيان زمانه وفي بيان مقداره وفي بيان حكمه إذا فات عن أيام النحر اما الأول فالدليل على أن ه ركن قوله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق والمراد منه طواف الزيارة بالاجماع ولأنه تعالى أمر الكل بالطواف
(١٢٧)