والخروج من الاحرام انه يتحلل ويخرج من الاحرام فكان حلق ربع الرأس ارتفاقا كاملا فكانت جناية كاملة فيوجب كفارة كاملة وكذا حلق ربع اللحية لأهل بعض البلاد معتاد كالعراق ونحوها فكان حلق الربع منها كحلق الكل ولا حجة لمالك في الآية لان فيها نهيا عن حلق الكل وذا لا ينفى النهى عن حلق البعض فكان تمسكا بالمسكوت فلا يصح وما قاله الشافعي غير سديد لان آخذ ثلاث شعرات لا يسمى حالقا في العرف فلا يتناوله نص الحلق كما لا يسمى ماسح ثلاث شعرات ماسحا في العرف حتى لم يتناوله نص المسح على أن وجوب الدم متعلق بارتفاق كامل وحلق ثلاث شعرات ليس بارتفاق كامل فلا يوجب كفارة كاملة وقوله إنه نبات استفاد الامن بسبب الاحرام مسلم لكن هذا يقتضى حرمة التعرض لقليله وكثيره ونحن به نقول ولا كلام فيه وإنما الكلام في وجوب الدم وذا يقف على ارتفاق كامل ولم يوجد وقد خرج الجواب عن قولهما ان القليل والكثير يعرف بالمقابلة لما ذكرنا ان الربع كثير من غير مقابلة في بعض المواضع فيعمل عليه في موضع الاحتياط ولو أخذ شيئا من رأسه أو لحيته أو لمس شيئا من ذلك فانتثر منه شعرة فعليه صدقة لوجود الارتفاق بإزالة التفث هذا إذا حلق رأس نفسه فأما إذا حلق رأس غيره فعلى الحالق صدقة عندنا وقال مالك والشافعي لا شئ على الحالق وجه قولهما ان وجوب الجزاء لوجود الارتفاق ولم يوجد من الحالق ولنا أن المحرم كما هو ممنوع من حلق رأس نفسه ممنوع من حلق رأس غيره لقوله عز وجل ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله والانسان لا يحلق رأس نفسه عادة الا أنه لما حرم عليه حلق رأس غيره يحرم عليه حلق رأس نفسه من طريق الأولى فتجب عليه الصدقة ولا يجب عليه الدم لعدم الارتفاق في حقه وسواء كان المحلوق حلالا أو حراما لما قلنا غير أنه إن كان حلالا لا شئ عليه وإن كان حراما فعليه الدم لحصول الارتفاق الكامل له وسواء كان الحلق بأمر المحلوق أو بغير أمره طائعا أو مكرها عندنا وقال الشافعي إن كان مكرها فلا شئ عليه وان لم يكن مكرها لكنه سكت ففيه وجهان والصحيح قولنا لان الاكراه لا يسلب الحظر وكمال الارتفاق موجود فيجب عليه كمال الجزاء وليس له ان يرجع به على الحالق وعن القاضي أبى حازم انه يرجع عليه بالكفارة لان الحالق هو الذي أدخله في عهدة الضمان فكان له ان يرجع عليه كالمكره على اتلاف المال ولنا ان الارتفاق الكامل حصل له فلا يرجع على أحد إذ لو رجع لسلم له العوض والمعوض وهذا لا يجوز كالمغرور إذا وطئ الجارية وغرم العقر انه لا يرجع به على الغار لما قلنا كذا هذا وإن كان الحالق حلالا فلا شئ عليه وحكم المحلوق ما ذكرنا وان حلق شاربه فعليه صدقة لان الشارب تبع للحية الا ترى انه ينبت تبعا للحية ويؤخذ تبعا للحية أيضا ولأنه قليل فلا يتكامل معنى الجناية وذكر في الجامع الصغير محرم أخذ من شاربه فعليه حكومة عدل وهي ان ينظركم تكون مقادير أدنى ما يجب في اللحية من الدم وهو الربع فتجب الصدقة بقدره حتى لو كان مثل ربع اللحية يجب ربع قيمة الشاة لأنه تبع للحية وقوله أخذ من شاربه إشارة إلى القص وهو السنة في الشارب لا الحلق وذكر الطحاوي في شرح الآثار ان السنة فيه الحلق ونسب ذلك إلى أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله والصحيح ان السنة فيه القص لما ذكرنا انه تبع اللحية والسنة في اللحية القص لا الحلق كذا في الشارب ولان الحلق يشينه ويصير بمعنى المثلة ولهذا لم يكن سنة في اللحية بل كان بدعة فكذا في الشارب ولو حلق الرقبة فعليه الدم لأنه عضو كامل مقصود بالارتفاق بحلق شعره فتجب كفارة كاملة كما في حلق الرأس ولو نتف أحد الإبطين فعليه دم لما قلنا ولو نتف الإبطين جميعا تكفيه كفارة واحدة لان جنس الجناية واحد والحاظر واحد والجهة غير متقومة فتكفيها كفارة واحدة ولو نتف من أحد الإبطين أكثره فعليه صدقة لان الأكثر فيما له نظير في البدن لا يقام مقام كله بخلاف الرأس واللحية والرقبة وما لا نظير له في البدن ثم ذكر في الإبط النتف في الأصل وهو إشارة إلى أن السنة فيه النتف وهو كذلك وذكر في الجامع الصغير الحلق وهو إشارة إلى أنه ليس بحرام ولو حلق موضع المحاجم فعليه دم في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد فيه صدقة وجه قولهما ان موضع الحجامة غير مقصود بالحلق بل هو تابع فلا يتعلق بحلقه دم كحلق الشارب لأنه إذا لم يكن مقصودا بالحلق لا تتكامل الجناية بحلقه فلا تجب به كفارة كاملة
(١٩٣)