لصيد الحرم إذا خرج إلى الحل والثاني أن الاحرام يحرم الصيد وغيره مما ذكرنا من محظورات الاحرام والحرم لا يحرم الا الصيد وما يحتاج إليه الصيد من الخلي والشجر والثالث أن حرمة الاحرام تلازم حرمة الحرم وجودا لان المحرم يدخل الحرم لا محالة وحرمة الحرم لا تلازم حرمة الاحرام وجودا فثبت أن حرمة الاحرام أقوى فاستتبعت الأدنى بخلاف القارن لان ثمة كل واحدة من الحرمتين أعني حرمة احرام الحج وحرمة احرام العمرة أصل الا ترى أنه يحرم احرام العمرة ما يحرمه احرام الحج فكان كل واحدة منهما أصلا بنفسها فلا تستتبع إحداهما صاحبتها ولو اشترك حلالان في قتل صيد في الحرم فعلى كل واحد منهما نصف قيمته فإن كانوا أكثر من ذلك يقسم الضمان بين عددهم لان ضمان صيد الحرم يجب لمعنى في المحل وهو حرمة الحرم فلا يتعدد بتعدد الفاعل كضمان سائر الأموال بخلاف ضمان صيد الاحرام فان اشترك محرم وحلال فعلى المحرم جميع القيمة وعلى الحلال النصف لان الواجب على المحرم ضمان الاحرام لما بينا وذلك لا يتجزأ والواجب على الحلال ضمان المحل وأنه متجزئ وسواء كان شريك الحلال ممن يجب عليه الجزاء أو لا يجب كالكافر والصبي أنه يجب على الحلال بقدر ما يخصه من القيمة لان الواجب بفعله ضمان المحل فيستوي في حقه الشريك الذي يكون من أهل وجوب الجزاء ومن لا يكون من أهله فان قتل حلال وقارن صيدا في الحرم فعلى الحلال نصف الجزاء وعلى القارن جزاءان لان الواجب على الحلال ضمان المحل والواجب على المحرم جزاء الجناية والقارن جنى على احرامين فيلزمه جزاءان ولو اشترك حلال ومفرد وقارن في قتل صيد فعلى الحلال ثلث الجزاء وعلى المفرد جزاء كامل وعلى القارن جزاءان لما قلنا وان صاد حلال صيدا في الحرم فقتله في يده حلال آخر فعلى الذي كان في يده جزاء كامل وعلى القاتل جزاء كامل أما القاتل فلا شك فيه لأنه أتلف صيدا في الحرم حقيقة وأما الصائد فلأن الضمان قد وجب عليه باصطياده وهو أخذه لتفويته الامن عليه بالاخذ وانه سبب لوجوب الضمان الا أنه يسقط بالارسال وقد تعذر الارسال بالقتل فتقرر تفويت الامن فصار كأنه مات في يده وهذا بخلاف المغصوب إذا أتلفه انسان في يد الغاصب انه لا يجب الا ضمان واحد يطالب المالك أيهما شاء لان ضمان الغصب ضمان المحل وليس فيه معنى الجزاء لأنه يجب حقا للمالك والمحل الواحد لا يقابله الا ضمان واحد وضمان صيد الحرم وإن كان ضمان المحل لكن فيه معنى الجزاء لأنه يجب حقا لله تعالى فجاز أن يجب على القاتل والآخذ وللآخذ أن يرجع على القاتل بالضمان أما على أصل أبي حنيفة فلا يشكل لأنه يرجع عليه في صيد الاحرام عنده فكذا في صيد الحرم والجامع أن القاتل فوت على الآخذ ضمانا كان يقدر على اسقاطه بالارسال وأما على أصلهما فيحتاج إلى الفرق بين صيد الحرم والاحرام لأنهما قالا في صيد الاحرام انه لا يرجع ووجه الفرق أن الواجب في صيد الحرم ضمان يجب لمعنى يرجع إلى المحل وضمان المحل يحتمل الرجوع كما في الغصب والواجب في صيد الاحرام جزاء فعله لا بدل المحل ألا ترى أنه لا يملك الصيد بالضمان وإذا كان جزاء فعله لا يرجع به على غيره ولو دل حلال حلالا على صيد الحرم أو دل محرما فلا شئ على الدال في قول أصحابنا الثلاثة وقد أساء وأثم وقال زفر على الدال الجزاء وروى عن أبي يوسف مثل قول زفر وعلى هذا الاختلاف الآمر والمشير وجه قول زفر اعتبار الحرم بالاحرام وهو اعتبار صحيح لان كل واحد منهما سبب لحرمة الاصطياد ثم الدلالة في الاحرام توجب الجزاء كذا في الحرم ولنا الفرق بينهما وهو أن ضمان صيد الحرم يجرى مجرى ضمان الأموال لأنه يجب لمعنى يرجع إلى المحل وهو حرمة الحرم لا لمعنى يرجع إلى القاتل والأموال لا تضمن بالدلالة من غير عقد وإنما صار مسيئا آثما لكون الدلالة والإشارة والامر حراما لأنه من باب المعاونة على الاثم والعدوان وقد قال الله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولو أدخل صيدا من الحل إلى الحرم وجب ارساله وان ذبحه فعليه الجزاء ولا يجوز بيعه وقال الشافعي يجوز بيعه وجه قوله أن الصيد كان ملكه في الحل وادخاله في الحرم لا يوجب زوال ملكه فكان ملكه قائما فكان محلا للبيع ولنا أنه لما حصل الصيد في الحرم وجب ترك التعرض له رعاية لحرمة الحرم كما لو أحرم والصيد في يده وذكر محمد في الأصل وقال لا خير فيما
(٢٠٨)