وأداء القيمة مثل أداء الجزء من النصاب من حيث إنه مال وبيان كون الواجب أداء جزء من النصاب ما ذكرنا في مسألة التفريط والدليل على أن الجزء من النصاب واجب من حيث إنه مال ان تعلق الواجب بالجزء من النصاب للتيسير ليبقى الواجب ببقائه ويسقط بهلاكه ومعنى التيسير إنما يتحقق ان لو تعين الجزء من النصاب للوجوب من حيث هو مال إذ لو تعلق الوجوب بغير الجزء لبقيت الشركة في النصاب للفقراء وفيه من العسر والمشقة مالا يخفى خصوصا إذا كان النصاب من نفائس الأموال نحو الجواري الحسان والأفراس الفارهة للتجارة ونحوها ولا كذلك إذا كان التعلق به من حيث هو مال لأنه حينئذ كان الاختيار إلى رب المال فان رأى أداء الجزء إليه أيسر أدى الجزء وان رأى أداء غيره أيسر مال إليه فيحصل معنى اليسر وبه تبين ان ذكر الشاة في الحديث لتقدير المالية لا لتعلق الحكم به وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فغضب على المصدق وقال ألم أنهكم عن أخذ كرائم أموال الناس فقال أخذتها ببعيرين من إبل الصدقة وفى رواية ارتجعتها فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ البعير ببعيرين يكون باعتبار القيمة فدل على صحة مذهبنا وأما طريق أبى يوسف ومحمد فهو ان الواجب عين ما ورد به النص وهو أداء ربع العشر في مال التجارة وأداء المنصوص عليه في السوائم صورة ومعنى غير معقول المعنى بل هو تعبد محض حتى أنه سبحانه وتعالى لو أمرنا باتلافه حقا له أو سبيه لفعلنا ولم نعدل عن المنصوص عليه إلى غيره غير أن الله تعالى لما أمر بصرفه إلى عباده المحتاجين كفاية لهم وكفايتهم متعلقة بمطلق المال صار وجوب الصرف إليهم معقول المعنى وهو الكفاية التي تحصل بمطلق المال فصار معلولا بمطلق المال وكان أمره عز وجل أرباب الأموال بالصرف إلى الفقير اعلاما له أنه أذن لهم بنقل حقه الثابت في المنصوص عليه إلى مطلق المال كمن له على رجل حنطة ولرجل آخر على صاحب الدين دراهم فأمر من له الحنطة من عليه الحنطة بأن يقضى دين الدراهم من الذي له عليه وهو الحنطة كان ذلك اذنا منه إياه بنقل حقه إلى الدراهم بأن يستبدل الحنطة بالدراهم وجعل المأمور بالأداء كأنه أدى عين الحق إلى من له الحق ثم استبدل ذلك وصرف إلى الآخر ما أمر بالصرف إليه فصار ما وصل إلى الفقير معلولا بمطلق المال سواء كان المنصوص عليه أو غيره جزأ من النصاب أو غيره وأداء القيمة أداء مال مطلق مقدر بقيمة المنصوص عليه بنية الزكاة فيجزئه كما لو أدى واحدا من خمس من الإبل بخلاف السجود على الخد والذقن لان معنى القربة فاتت أصلا ولهذا لا ينتقل به ولا يصار إليه عند العجز وما ليس بقربة لا يقوم مقام القربة وبخلاف الهدايا والضحايا لان الواجب فيها إراقة الدم حتى لو هلك بعد الذبح قبل التصدق لا يلزمه شئ وإراقة الدم ليس بمال فلا يقوم المال مقامه والله أعلم وأما السوائم من الإبل والبقر والغنم أما نصاب الإبل فليس فيما دون خمس من الإبل زكاة وفى الخمس شاة وفى العشر شاتان وفى خمسة عشر ثلاث شياه وفى عشرين أربع شياه وفى خمس وعشرين بنت مخاض وفى ست وثلاثين بنت لبون وفى ست وأربعين حقة وفى احدى وستين جذعة وهي أقصى سن لها مدخل في الزكاة والأصل فيه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه فكتبه أبو بكر لانس وكان فيه وفى أربع وعشرين فما دونها الغنم في كل خمس ذود شاة فإذا كانت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإذا كانت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون فإذا كانت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة فإذا كانت احدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا كانت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا كانت احدى وتسعين إلى مائة وعشرين ففيها حقتان ولا خلاف في هذه الجملة الا ما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال في خمس وعشرين خمس شياه وفى ست وعشرين بنت مخاض وهذه الرواية لا تكاد تثبت عن علي رضي الله عنه لأنها مخالفة للأحاديث المشهورة منها ما روينا من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ومنها كتابه الذي كتبه لعمرو بن حزم وغير ذلك من الأحاديث المشهورة ولأنها مخالفة لأصول الزكوات في السوائم لان فيها موالاة بين واجبين لا وقص بينهما والأصل فيها أن يكون بين الفريضتين وقص
(٢٦)