في بيان حكم النكاح والثاني في بيان ما يرفع حكمه أما الأول فالنكاح لا يخلو (اما) أن يكون صحيحا (واما) أن يكون فاسدا ويتعلق بكل واحد منهما أحكام (أما) النكاح الصحيح فله أحكام بعضها أصلى وبعضها من التوابع أما الأصلية منها فحل الوطئ الا في حالة الحيض والنفاس والاحرام وفى الظهار قبل التكفير لقوله سبحانه وتعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين نفى اللوم عمن لا يحفظ فرجه على زوجته فدل على حل الوطئ الا أن الوطئ في حالة الحيض خص بقوله عز وجل ويسئلونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن والنفاس أخو الحيض وقوله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم والانسان بسبيل من التصرف في حرثه مع ما انه قد أباح اتيان الحرث بقوله عز وجل فأتوا حرثكم انى شئتم وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان لا يملكن شيئا اتخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وكلمة الله المذكورة في كتابه العزيز لفظة الانكاح والتزويج فدل الحديث على حل الاستمتاع بالنساء بلفظة الانكاح والتزويج وغيرهما في معناهما فكان الحل ثابتا ولان النكاح ضم وتزويج لغة فيقتضى الانضمام والازدواج ولا يتحقق ذلك الا بحل الوطئ والاستمتاع لان الحرية تمنع من ذلك وهذا الحكم وهو حل الاستمتاع مشترك بين الزوجين فان المرأة كما تحل لزوجها فزوجها يحل لها قال عز وجل لا هن حل لهم ولا هم يخلون لهن وللزوج أن يطالبها بالوطئ متى شاء الا عند اعتراض أسباب مانعة من الوطئ كالحيض والنفاس والظهار والاحرام وغير ذلك وللزوجة أن تطالب زوجها بالوطئ لان حله لها حقها كما أن حلها له حقه وإذا طالبته يجب على الزوج ويجبر عليه في الحكم مرة واحدة والزيادة على ذلك تجب فيما بينه وبين الله تعالى من باب حسن المعاشرة واستدامة النكاح فلا يجب عليه في الحكم عند بعض أصحابنا وعند بعضهم يجب عليه في الحكم * (فصل) * ومنها حل النظر والمس من رأسها إلى قدميها في حالة الحياة لان الوطئ فوق النظر والمس فكان احلاله احلالا للمس والنظر من طريق الأولى وهل يحل الاستمتاع بها بما دون الفرج في حالة الحيض والنفاس فيه خلاف ذكرناه في كتاب الاستحسان وأما بعد الموت فلا يحل له المس والنظر عندنا خلافا للشافعي والمسألة ذكرناها في كتاب الصلاة * (فصل) * ومنها ملك المتعة وهو اختصاص الزوج بمنافع بضعها وسائر أعضائها استمتاعا أو ملك الذات والنفس في حق التمتع على اختلاف مشايخنا في ذلك لان مقاصد النكاح لا تحصل بدونه الا ترى أنه لولا الاختصاص الحاجز عن التزويج بزوج آخر لا يحصل السكن لان قلب الزوج لا يطمئن إليها ونفسه لا تسكن معها ويفسد الفراش لاشتباه النسب ولان المهر لازم في النكاح وأنه عوض عن الملك لما ذكرنا فيما تقدم فيدل على لزوم الملك في النكاح أيضا تحقيقا للمعاوضة وهذا الحكم على الزوجة للزوج خاصة لأنه عوض عن المهر والمهر على الرجل وقيل في تأويل قوله عز وجل وللرجال عليهن درجة ان الدرجة هي الملك * (فصل) * ومنها ملك الحبس والقيد وهو صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز لقوله تعالى أسكتوهن والامر بالاسكان نهى عن الخروج والبروز والاخراج إذ الامر بالفعل نهى عن ضده وقوله عز وجل وقرن في بيوتكن وقوله عز وجل ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ولأنها لو لم تكن ممنوعة عن الخروج والبروز لاختل السكن والنسب لان ذلك مما يريب الزوج ويحمله على نفى النسب * (فصل) * ومنها وجوب المهر على الزوج وانه حكم أصلى للنكاح عندنا لا وجود له بدونه شرعا وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم ولان المهر عوض عن الملك لأنه يجب بمقابلة احداث الملك على ما مر وثبوت العوض يدل على ثبوت المعوض * (فصل) * ومنها ثبوت النسب وإن كان ذلك حكم الدخول حقيقة لكن سببه الظاهر هو النكاح لكون
(٣٣١)