للمرأة لان الاسلام متى ورد والحرام مقبوض يلاقيه بالعفو لان الملك قد ثبت على سبيل الكمان بالعقد والقبض في حال الكفر فلا يثبت بعد الاسلام ملك وإنما يوجد دوام الملك والاسلام لا ينافيه كمسلم تخمر عصيره أنه لا يؤمر بابطال ملكه فيها وكما في نزول تحريم الربا وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة أبطل من الربا ما لم يقبض ولم يتعرض صلى الله عليه وسلم لما قبض بالفسخ وهو أحد تأويلات قوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين أمر سبحانه بترك ما بقي من الربا والامر بترك ما بقي من الربا هو النهى عن قبضه والله عز وجل الموفق ولو تزوجها على ميتة أو دم ذكر في الأصل ان لها مهر مثلها وذكر في الجامع الصغير أنه لا شئ لها منهم ووفق بين الروايتين فحمل ما ذكره في الأصل على الذميين وما ذكره في الجامع على الحربيين ومنهم من جعل في المسألة روايتين (وجه) رواية الأصل انه لما تزوجها على الميتة والدم فلم يرض باستحقاق بضعها الا ببدل وقد تعذر استحقاق المسمى لأنه ليس بمال في حق أحد فكان لها مهر المثل كالمسلمة (وجه) رواية الجامع الصغير أنها لما رضيت بالميتة مع أنها ليست بمال كان ذلك منها دلالة الرضا باستحقاق بضعها بغير عوض أصلا كما إذا تزوجها على أن لا مهر لها والله عز وجل أعلم * (فصل) * ثم كل عقد إذا عقده الذمي كان فاسدا فإذا عقده الحربي كان فاسدا أيضا لان المعنى المفسد لا يوجب الفصل بينهما وهو ما ذكرنا فيما تقدم ولو تزوج كافر بخمس نسوة أو بأختين ثم أسلم فإن كان تزوجهن في عقدة واحدة فرق بينه وبينهن وإن كان تزوجهن في عقد متفرقة صح نكاح الأربع وبطل نكاح الخامسة وكذا في الأختين يصح نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد يختار من الخمس أربعا ومن الأختين واحدة سواء تزوجهن في عقدة واحدة أو في عقد استحسانا وبه أخذ الشافعي احتج محمد بما روى أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعا منهن وروى أن قيس ابن الحارث أسلم وتحته ثمان نسوة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا وروى أن فيروز الديلمي أسلم وتحته أختان فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستفسر ان نكاحهن كان دفعة واحدة أو على الترتيب ولو كان الحكم يختلف لاستفسر فدل ان حكم الشرع فيه هو التخيير مطلقا ولأبي حنيفة وأبى يوسف ان الجمع محرم على المسلم والكافر جميعا لان حرمته ثبتت لمعنى معقول وهو خوف الجور في ايفاء حقوقهن والافضاء إلى قطع الرحم على ما ذكرنا فيما تقدم وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين المسلم والكافر الا أنه لا يتعرض لأهل الذمة مع قيام الحرمة لان ذلك ديانتهم وهو غير مستثنى من عهودهم وقد نهينا عن التعرض لهم عن مثله بعد اعطاء الذمة وليس لنا ولاية التعرض لأهل الحرب فإذا أسلم فقد زال المانع فلا يمكن من استيفاء الجمع بعد الاسلام فإذا كان تزوج الخمس في عقدة واحدة فقد حصل نكاح كل واحدة منهن جميعا إذ ليست إحداهن بأولى من الأخرى والجمع محرم وقد زال المانع من التعرض فلا بد من الاعتراض بالتفريق وكذلك إذا تزوج الأختين في عقدة واحدة لان نكاح واحدة منهما جعل جمعا إذ ليست إحداهما بأولى من الأخرى والاسلام يمنع من ذلك ولا مانع من التفريق فيفرق فأما إذا كان تزوجهن على الترتيب في عقد متفرقة فنكاح الأربع منهن وقع صحيحا لان الحر يملك التزوج بأربع نسوة مسلما كان أو كافرا ولم يصح نكاح الخامسة لحصوله جمعا فيفرق بينهما بعد الاسلام وكذلك إذا كان تزوج الأختين في عقدتين فنكاح الأولى وقع صحيحا إذ لا مانع من الصحة وبطل نكاح الثانية لحصوله جمعا فلا بد من التفريق بعد الاسلام وأما الأحاديث ففيها اثبات الاختيار للزوج المسلم لكن ليس فيها ان له أن يختار ذلك بالنكاح الأول أو بنكاح جديد فاحتمل انه أثبت له الاختيار لتجدد العقد عليهن ويحتمل انه أثبت له الاختيار ليمسكهن بالعقد الأول فلا يكون حجة مع الاحتمال مع ما أنه قد روى أن ذلك قبل تحريم الجمع فإنه روى في الخبر أن غيلان أسلم وقد كان تزوج في الجاهلية وروى عن مكحول أنه قال كان ذلك قبل نزول الفرائض وتحريم الجمع ثبت بسورة النساء الكبرى وهي
(٣١٤)