وجابر وأنس رضي الله عنهم وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أتاني آت من ربى وأنا بالعقيق فقال قم فصل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بعمرة في حجة حتى روى عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصرخ بها صراخا ويقول لبيك بعمرة في حجة فدل أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال تابعوا بين الحج والعمرة فان المتابعة بينهما تزيد في العمر وتنفى الفقر ولان القران والتمتع جمع بين عبادتين باحرامين فكان أفضل من اتيان عبادة واحدة باحرام واحد وإنما كان القران أفضل من التمتع لان القارن حجته وعمرته آفاقيتان لأنه يحرم بكل واحدة منهما من الآفاق والمتمتع عمرته آفاقية وحجته مكية لأنه يحرم بالعمرة من الآفاق وبالحجة من مكة والحجة الآفاقية أفضل من الحجة المكية لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وروينا عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما انهما قالا اتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وما كان أتم فهو أفضل وأما ما رواه الشافعي فالمشهور ما روينا والعمل بالمشهور أولى مع ما أن فيما روينا زيادة ليست في روايته والزيادة برواية العدل مقبولة على أنا نجمع بين الروايتين على ما هو الأصل عند تعارض الدليلين أنه يعمل بهما بالقدر الممكن فنقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قارنا لكنه كان يسمى العمرة والحجة في التلبية بهما مرة وكان صلى الله عليه وسلم يلبى بهما لكنه كان يسمى بإحداهما مرة إذ تسمية ما يحرم به في التلبية ليس بشرط لصحة التلبية فراوي الافراد سمعه يسمى الحجة في التلبية فبنى الامر على الظاهر فظنه مفردا فروى الافراد وراوي القران وقف على حقيقة الحال فروى القران * (فصل) * وأما بيان حكم المحرم إذا منع عن المضي في الاحرام وهو المسمى بالمحصر في عرف الشرع فالكلام في الاحصار في الأصل في ثلاث مواضع في تفسير الاحصار انه ما هو ومم يكون وفي بيان حكم الاحصار وفي بيان حكم زوال الاحصار أما الأول فالمحصر في اللغة هو الممنوع والاحصار هو المنع وفى عرف الشرع هو اسم لمن أحرم ثم منع عن المضي في موجب الاحرام سواء كان المنع من العدو أو المرض أو الحبس أو الكسر أو العرج وغيرها من الموانع من اتمام ما أحرم به حقيقة أو شرعا وهذا قول أصحابنا وقال الشافعي لا احصار الا من العدو ووجه قوله أن آية الاحصار وهي قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أحصروا من العدو وفى آخر الآية الشريفة دليل عليه وهو قوله عز وجل فإذا أمنتم والأمان من العدو يكون وروى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما انهما قالا لا حصر الا من عدو ولنا عموم قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى والاحصار هو المنع والمنع كما يكون من العدو يكون من المرض وغيره والعبرة بعموم اللفظ عندنا لا بخصوص السبب إذ الحكم يتبع اللفظ لا السبب وعن الكسائي وأبى معاذ ان الاحصار من المرض والحصر من العدو فعلى هكذا كانت الآية خاصة في الممنوع بسبب المرض وأما قوله عز وجل فإذا أمنتم فالجواب عن التعلق به من وجهين أحدهما أن الامن كما يكون من العدو يكون من زوال المرض لأنه إذا زال مرض الانسان أمن الموت منه أو أمن زيادة المرض وكذا بعض الأمراض قد تكون أمانا من البعض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الزكام أمان من الجذام والثاني أن هذا يدل على أن المحصر من العدو مراد من الآية الشريفة وهذا لا ينفى كون المحصر من المرض مرادا منها وما روى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما انه ان ثبت فلا يجوز ان ينسخ به مطلق الكتاب كيف وانه لا يرى نسخ الكتاب بالسنة وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل وقوله حال أي جاز له أن يحل بغير دم لأنه لم يؤذن له بذلك شرعا وهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم ومعناه أي حل له الافطار فكذا ههنا معناه حل له ان يحل ولأنه إنما صار محصرا من العدو ومن خصاله التحلل لمعنى هو موجود في المرض وغيره وهو الحاجة إلى الترفيه والتيسير لما يلحقه من الضرر والحرج بابقائه على الاحرام مسدة مديدة والحاجة إلى الترفيه والتيسير متحققة في المريض ونحوه فيتحقق الاحصار ويثبت موجبه بل أولى لأنه يملك دفع
(١٧٥)