من الغنم الذي أتى عليه ستة أشهر وقيل الذي أتى عليه أكثر السنة ولا خلاف في أنه لا يجوز من المعز الا الثنى وجه رواية الحسن ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما حقنا في الجذعة والثنية ولان الجذع يجوز في الأضاحي فلان يجوز في الزكاة أولى لان الأضحية أكثر شروطا من الزكاة فالجواز هناك يدل على الجواز ههنا من طريق الأولى وجه ظاهر الرواية ما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال لا يجزئ في الزكاة الا الثنى من المعز فصاعدا ولم يرو عن غيره من الصحابة خلافه فيكون اجماعا من الصحابة مع ما ان هذا باب لا يدرك بالاجتهاد فالظاهر أنه قال ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم * (فصل) * وأما صفة الواجب في السوائم فالواجب فيها صفات لابد من معرفتها منها الأنوثة في الواجب في الإبل من جنسها من بنت المخاض وبنت اللبون والحقة والجذعة ولا يجوز الذكور منها وهو ابن المخاض وابن اللبون والحق والجذع الا بطريق القيمة لان الواجب فيها إنما عرف بالنص والنص ورد فيها بالإناث فلا يجوز الذكور الا بالتقويم لان دفع القيم في باب الزكاة جائز عندنا وأما في البقر فيجوز فيها الذكر والأنثى لورود النص بذلك وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وفى ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وكذا في الإبل فيما دون خمس وعشرين لان النص ورد باسم الشاة وانها تقع على الذكر والأنثى وكذا في الغنم عندنا يجوز في زكاتها الذكر والأنثى وقال الشافعي لا يجوز الذكر الا إذا كانت كلها ذكورا وهذا فاسد لان الشرع ورد فيها باسم الشاة قال النبي صلى الله عليه وسلم في أربعين شاة شاة واسم الشاة يقع على الذكر والأنثى في اللغة ومنها أن يكون وسطا فليس للساعي أن يأخذ الجيد ولا الردئ الا من طريق التقويم برضا صاحب المال لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للسعاة إياكم وحرزات أموال الناس وخذوا من أوساطها وروى أنه قال للساعي إياك وكرائم أموال الناس وخذ من حواشيها واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب وفى الخبر المعروف انه رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فغضب على الساعي وقال ألم أنهكم عن أخذ كرائم أموال الناس حتى قال الساعي أخذتها ببعيرين يا رسول الله ولان مبنى الزكاة على مراعاة الجانبين وذلك في أخذ الوسط لما في أخذ الخيار من الاضرار بأرباب الأموال وفى أخذ الأرذال من الاضرار بالفقراء فكان نظر الجانبين في أخذ الوسط والوسط هو أن يكون أدون من الا رفع وأرفع من الأدون كذا فسره محمد في المنتقى ولا يؤخذ في الصدقة الربى بضم الراء ولا الماخض ولا الأكيلة ولا فحل الغنم قال محمد الربى التي تربى ولدها والأكيلة التي تسمن للاكل والماخض التي في بطنها ولد ومن الناس من طعن في تفسير محمد الربى والأكيلة وزعم أن الربى المرباة والأكيلة المأكولة وطعنه مردود عليه وكان من حقه تقليد محمد إذ هو كما كان اماما في الشريعة كان اماما في اللغة واجب التقليد فيها كتقليد نقلة اللغة كأبي عبيد والأصمعي والخليل والكسائي والفراء وغيرهم وقد قلده أبو عبيد القاسم بن سلام مع جلالة قدره واحتج بقوله وسئل أبو العباس ثعلب عن الغزالة فقال هي عين الشمس ثم قال أما نرى ان محمد بن الحسن قال لغلامه يوما انظر هل دلكت الغزالة يعنى الشمس وكان ثعلب يقول محمد بن الحسن عندنا من أقران سيبويه وكان قوله حجة في اللغة فكان على الطاعن تقليده فيها كيف وقد ذكر صاحب الديوان ومجمل اللغة ما يوافق قوله في الربى قال صاحب الديوان الربى التي وضعت حديثا أي هي قريبة العهد بالولادة وقال صاحب المجمل الربى الشاة التي تحبس في البيت للبن فهي مربية لا مرباة والأكيلة وان فسرت في بعض كتب اللغة بما قاله الطاعن لكن تفسير محمد أولي وأوفق للأصول لان الأصل أن المفعول إذا ذكر بلفظ فعيل يستوى فيه الذكر والأنثى ولا يدخل فيه هاء التأنيث يقال امرأة قتيل وجريح من غير هاء التأنيث فلو كانت الأكيلة المأكولة لما أدخل فيها الهاء على اعتبار الأصل ولما أدخل الهاء دل انها ليست باسم للمأكولة بل لما أعد للاكل كالأضحية انها اسم لما أعد للتضحية والله أعلم وسواء كان النصاب من نوع واحد أو من نوعين كالضأن والمعز والبقر والجواميس والعراب والبخت أن المصدق يأخذ منها واحدة وسطا على التفسير الذي ذكرنا وقال الشافعي في أحد قوليه يأخذ من الغالب وقال في القول الآخر انه يجمع بين قيمة شاة من الضأن وشاة من المعز وينظر في
(٣٣)