في الجملة في جنس ذلك الحكم في الشرع كان ذلك تعليقا لذلك الحكم بذلك الوصف في أصول الشرع كما في قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله عز وجل الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وكما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سها فسجد وروى أن ماعزا زنا فرجم ونحو ذلك والحكم يتعمم بعموم العلة ولا يتخصص بخصوص المحل كما في سائر العلل الشرعية والعقلية وزوج بريرة وإن كان عبدا لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما بنى الخيار فيه على معنى عام وهو ملك البضع يعتبر عموم المعنى لا خصوص المحل والله الموفق ولان بالاعتاق يزداد ملك النكاح عليها لأنه يملك عليها عقدة زائدة لم يكن يملكها قبل الاعتاق بناء على أن الطلاق بالبناء على أصل أصحابنا والمسألة فريعة ذلك الأصل ولها ان لا ترضى بالزيادة لأنها تتضرر بها ولها ولاية رفع الضرر عن نفسها ولا يمكنها رفع الزيادة الا برفع أصل النكاح فبقيت لها ولاية رفع النكاح وفسخه ضرورة رفع الزيادة وقد خرج الجواب عن قوله إن ه لا ضرر فيه لما بينا من وجه الضرر ولأنه لو لم يثبت لها الخيار وبقى النكاح لازما لأدى ذلك إلى أن يستوفى الزوج منافع بضع حرة جبرا ببدل استحقه غيرها بالعقد وهذا لا يجوز كما لو كان الزوج عبدا ولان القول ببقاء هذا النكاح لازما يؤدى إلى استيفاء منافع بضع الحرة من غير بدل تستحقه الحرة وهذا لا يجوز لأنها لا ترضى باستيفاء منافع بضعها الا ببدل تستحقه هي فلو لم يثبت الخيار لها لصار الزوج مستوفيا منافع بضعها وهي حرة جبرا عليها من غير رضاها ببدل استحقه مولاها وهذا لا يجوز لهذا المعنى ثبت لها الخيار إذا كان زوجها عبدا كذا إذا كان حرا وكذا اختلف في أن كونها رقيقة وقت النكاح هل هو شرط أم لا قال أبو يوسف ليس بشرط ويثبت لها الخيار سواء كانت رقيقة وقت النكاح أعتقها المولى أو كانت حرة وقت النكاح ثم طرأ عليها الرق فأعتقها حتى أن الحربية إذا تزوجت في دار الحرب ثم سبيا معا ثم أعتقت فلها الخيار عنده وقال محمد هو شرط ولا خيار لها وكذا المسلمة إذا تزوجت مسلما ثم ارتدا ولحقا بدار الحرب ثم سبيت وزوجها معها فأسلما ثم أعتقت الأمة فهو على هذا الاختلاف فمحمد فرق بين الرق الطارئ على النكاح وبين المقارن إياه وأبو يوسف سوى بينهما وجه الفرق لمحمد انها إذا كانت رقيقة وقت النكاح فالنكاح ينعقد موجبا للخيار عند الاعتاق وإذا كانت حرة فنكاح الحرة لا ينعقد موجبا للخيار فلا يثبت الخيار بطريان الرق بعد ذلك لأنه لا يوجب خللا في الرضا ولأبي يوسف ان الخيار يثبت بالاعتاق لان زيادة الملك تثبت به لأنها توجب العتق والعتق موجب الاعتاق ولا يثبت بالنكاح لان النكاح السابق ما انعقد للزيادة لأنه صادف الأمة ونكاح الأمة لا يوجب زيادة الملك فالحاصل أن أبا يوسف يجعل زيادة الملك حكم الاعتاق ومحمد يجعلها حكم العقد السابق عند وجود الاعتاق وعلى هذا الأصل يخرج قول أبى يوسف ان خيار العتق يثبت مرة بعد أخرى وقول محمد انه لا يثبت الا مرة واحدة حتى لو أعتقت الأمة فاختارت زوجها ثم ارتد الزوجان معا ثم سبيت وزوجها معها فأعتقت فلها ان تختار نفسها عند أبي يوسف وعند محمد ليس لها ذلك لان عند أبي يوسف الخيار ثبت بالاعتاق وقد تكرر الاعتاق فيتكرر الخيار وعند محمد يثبت بالعقد وانه لم يتكرر فلا يثبت الا خيار واحد * (فصل) * وأما وقت ثبوته فوقت علمها بالعتق وبالخيار وأهلية الاختيار فيثبت لها الخيار في المجلس الذي تعلم فيه بالعتق وبان لها الخيار وهي من أهل الاختيار حتى لو أعتقها ولم تعلم بالعتق أو علمت بالعتق ولم تعلم بان لها الخيار فلم تختر لم يبطل خيارها ولها بمجلس العلم إذا علمت بهما بخلاف خيار البلوغ فان العلم بالخيار فيه ليس بشرط وقد بينا الفرق بينهما فيما تقدم وكذلك إذا أعتقها وهي صغيرة فلها خيار العتق إذا بلغت لأنها وقت الاعتاق لم تكن من أهل الاختيار وليس لها خيار البلوغ لان النكاح وجد في حالة الرق والله عز وجل أعلم ولو تزوجت مكاتبة بإذن المولى فأعتقت فلها الخيار فعند أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا خيار لها (وجه) قوله إنه لا ضرر عليها لان النكاح وقع لها والمهر مسلم لها (ولنا) ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة وكانت مكاتبة ولأن علة النص عامة على ما بينا وكذا الملك يزداد عليها كما يزداد على القنة
(٣٢٩)