هلك في يد الامام ولو استفاد خمسة في آخر الحول جاز التعجيل لوجود كمال النصاب في طرفي الحول ولو كان له مائتا درهم فعجل زكاتها خمسة فانتقص النصاب ثم استفاد ما يكمل به النصاب بعد الحول في أول الحول الثاني وتم الحول الثاني والنصاب كامل فعليه الزكاة للحول الثاني وما عجل يكون تطوعا لأنه عجل للحول الأول ولم تجب عليه الزكاة للحول الأول لنقصان النصاب في آخر الحول ولو كان له مائتا درهم فعجل خمسة منها ثم تم الحول والنصاب ناقص ودخل الحول الثاني وهو ناقص ثم تم الحول الثاني وهو كامل لا تجزى الخمسة عن السنة الأولى ولا عن السنة الثانية لان في السنة الأولى كان النصاب ناقصا في آخرها وفى السنة الثانية كان ناقصا في أولها فلم تجب الزكاة في السنتين فلا يقع المؤدى زكاة عنهما ولو كان له مائتا درهم فحال الحول وأدى خمسة منها حتى أنتقص منها خمسة ثم إنه عجل عن السنة الثانية خمسة حتى أنتقص منها خمسة أخرى فصار المال مائة وتسعين فتم الحول الثاني وقد استفاد عشرة حتى حال الحول على المائتين ذكر في الجامع أن الخمسة التي عجل للحول الثاني جائزة طعن عيسى ابن أبان وقال ينبغي أن لا تجزئه هذه الخمسة عن السنة الثانية لان الحول الأول لما تم وجبت الزكاة وصارت خمسة من المائتين واجبة ووجوب الزكاة يمنع وجوب الزكاة فانعقد الحول الثاني والنصاب ناقص فكان تعجيل الخمسة عن السنة الثانية تعجيلا حال نقصان النصاب فلم يجز والواجب أن الزكاة تجب بعد تمام السنة الأولى وتمام السنة الأولى يتعقبه الجزء الأول من السنة الثانية والوجوب ثبت مقارنا لذلك الجزء والنصاب كان كاملا في ذلك الوقت ثم انتقص بعد ذلك وهو حال وجود الجزء الثاني من السنة الثانية فكان ذلك نقصان النصاب في أثناء الحول ولا عبرة به عند وجود الكمال في طرفيه وقد وجد ههنا فجاز التعجيل لوجود حال كمال النصاب * (فصل) * وأما حكم المعجل إذا لم يقع زكاة أنه ان وصل إلى يد الفقير يكون تطوعا سواء وصل إلى يده من يد رب المال أو من يد الامام أو نائبه وهو الساعي لأنه حصل أصل القربة وإنما التوقف في صفة الفرضية وصدقة التطوع لا يحتمل الرجوع فيها بعد وصولها إلى يد الفقير وإن كان المعجل في يد الامام قائما له أن يسترده لأنه لما لم يصل إلى يد الفقير لم يتم الصرف لان يد المصدق في الصدقة المعجلة يد المالك من وجه لأنه مخير في دفع المعجل إليه وإن كان يد الفقير من وجه من حيث إنه يقبض له فلم يتم الصرف فلم تقع صدقة أصلا وان هلك في يده لا يضمن عندنا وقال الشافعي ان استسلف الامام بغير مسألة رب المال ولا أهل السهمان يضمن وهذا فاسد لأن الضمان إنما يجب على الانسان بفعله وفعله الاخذ وانه مأذون فيه فلا يصلح سببا لوجوب الضمان والهلاك ليس من صنعه بل هو محض صنع الله تعالى أعني مصنوعه ولو دفع الامام المعجل إلى فقير فأيسر الفقير قبل تمام الحول أو مات أو ارتد جاز عن الزكاة عندنا وقال الشافعي يسترده الامام الا أن يكون يساره من ذلك المال وجه قوله أن كون المعجل زكاة إنما يثبت عند تمام الحول وهو ليس محل الصرف في ذلك الوقت فلا يقع زكاة الا إذا كان يساره من ذلك المال لأنه حينئذ يكون أصلا فلا يقطع التبع عن أصله ولنا أن الصدقة لاقت كف الفقير فوقعت موقعها فلا تتغير بالغنا الحادث بعد ذلك كما إذا دفعها إلى الفقير بعد حولان الحول ثم أيسر ولو عجل زكاة ماله ثم هلك المال لم يرجع على الفقير عندنا وقال الشافعي يرجع عليه إذا كان قال له انها معجلة وهذا غير سديد لان الصدقة وقعت في محل الصدقة وهو الفقير بنية الزكاة فلا يحتمل الرجوع كما إذا لم يقل انها معجلة ولو كان له دراهم أو دنانير أو عروض للتجارة فعجل زكاة جنس منها ثم هلك بعض المال جاز المعجل عن الباقي لان الكل في حكم مال واحد بدليل أنه يضم البعض إلى البعض في تكميل النصاب فكانت نية التعيين في التعجيل لغوا كما لو كان له ألف درهم فعجل زكاة المائتين ثم هلك بعض المال وهذا بخلاف السوائم المختلفة بأن كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فعجل شاة عن خمس من الإبل ثم هلكت الإبل أن المعجل لا يجوز عن زكاة الغنم لأنهما مالان مختلفان صورة ومعنى فكان نية التعيين صحيحة فالتعجيل عن أحدهما لا يقع عن الآخر والله أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يسقطها بعد وجوبها فالمسقط لها بعد الوجوب أحد الأشياء الثلاثة منها هلاك
(٥٢)