الخراج على الطاقة فيقدر بها فيما وراء الأشياء الثلاثة المذكورة في الخبر فيوضع على أرض الزعفران والبستان في أرض الخراج بقدر ما تطيق وقالوا لنهاية الطاقة قدر نصف الخارج لا يزاد عليه وقالوا فيمن له أرض زعفران فزرع مكانه الحبوب من غير عذر انه يؤخذ منه خراج الزعفران لأنه قصر حيث لم يزرع الزعفران مع القدرة عليه فصار كأنه عطل الأرض فلم يزرع فيها شيئا ولو فعل ذلك يؤخذ منه خراج الزعفران كذا هذا وكذا إذا قطع كرمه من غير عذر وزرع فيه الحبوب انه يؤخذ منه خراج الكرم لما قلنا وان أخرجت أرض الخراج قدر الخراج لا غير يؤخذ نصف الخراج وان أخرجت مثلي الخراج فصاعدا يؤخذ جميع الخراج الموظف عليها وإن كانت لا تطيق قدر خراجها الموضوع عليها ينقض ويؤخذ منها قدر ما تطيق بلا خلاف واختلف فيما إذا كانت تطيق أكثر من الموضوع أنه هل تزاد أم لا قال أبو يوسف لا تزاد وقال محمد تزاد وجه قول محمد ان مبنى الخراج على الطاقة على ما بينا فتجوز الزيادة على القدر الموظف إذا كانت تطيقه ولأبي يوسف أن معنى الطاقة إنما يعتبر فيها وراء المنصوص والمجمع عليه والقدر الموضوع من الخراج الموظف منصوص ومجمع عليه على ما بينا فلا تجوز الزيادة عليه بالقياس وأما خراج المقاسمة فهو ان يفتح الامام بلدة فيمن على أهلها ويجعل على أراضيهم خراج مقاسمة وهو ان يؤخذ منهم نصف الخارج أو ثلثه أو ربعه وأنه جائز لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فعل لما فتح خيبر ويكون حكم هذا الخراج حكم العشر ويكون ذلك في الخارج كالعشر الا انه يوضع موضع الخراج لأنه خراج في الحقيقة والله أعلم * (فصل) * وأما صفة الواجب فالواجب جزء من الخارج لأنه عشر الخارج أو نصف عشره وذلك جزؤه الا أنه واجب من حيث إنه مال لا من حيث إنه جزء عندنا حتى يجوز أداء قيمته عندنا وعند الشافعي الواجب عين الجزء ولا يجوز غيره وهي مسألة دفع القيم وقد مرت فيما تقدم * (فصل) * وأما وقت الوجوب فوقت الوجوب وقت خروج الزرع وظهور الثمر عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف وقت الادراك وعند محمد وقت التنقية والجذاذ فإنه قال إذا كان الثمر قد حصد في الحظيرة وذرى البر وكان خمسة أوسق ثم ذهب بعضه كان في الذي بقي منه العشر فهذا يدل على أن وقت الوجوب عنده هو وقت التصفية في الزرع ووقت الجذاذ في الثمر هو يقول تلك الحال هي حال تناهى عظم الحب والثمر واستحكامها فكانت هي حال الوجوب وأبو يوسف يحتج بقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده ويوم حصاده هو يوم ادراكه فكان هو وقت الوجوب ولأبي حنيفة قوله تعالى أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض أمر الله تعالى بالانفاق مما أخرجه من الأرض فدل أن الوجوب متعلق بالخروج ولأنه كما خرج حصل مشتركا كالمال المشترك لقوله تعالى ومما أخرجنا لكم من الأرض جعل الخارج للكل فيدخل فيه الأغنياء والفقراء وإذا عرفت وقت الوجوب على اختلافهم فيه ففائدة هذا الاختلاف على قول أبي حنيفة لا تظهر الا في الاستهلاك فما كان منه بعد الوجوب يضمن عشره وما كان قبل الوجوب لا يضمن وأما عند أبي يوسف ومحمد فتظهر ثمرة الاختلاف في الاستهلاك وفى الهلاك أيضا في حق تكميل النصاب بالهالك فما هلك بعد الوجوب يعتبر الهالك مع الباقي في تكميل النصاب وما هلك قبل الوجوب لا يعتبر وبيان هذه الجملة إذا أتلف انسان الزرع أو الثمر قبل الادراك حتى ضمن أخذ صاحب المال من المتلف ضمان المتلف وأدى عشره وان أتلف البعض دون البعض أدى قدر عشر المتلف من ضمانه وما بقي فعشره في الخارج وان أتلفه صاحبه أو أكله يضمن عشره ويكون دينا في ذمته وان أتلف البعض دون البعض يضمن قدر عشر ما أتلف ويكون دينا في ذمته وعشر الباقي يكون في الخارج وهذا على أصل أبي حنيفة لان الاتلاف حصل بعد الوجوب لثبوت الوجوب بالخروج والظهور فكان الحق مضمونا عليه كما لو أتلف مال الزكاة بعد حولان الحول واما على قولهما فلا يضمن عشر المتلف لان الاتلاف حصل قبل وقت وجوب الحق ولو هلك بنفسه فلا عشر في الهالك بلا خلاف سواء هلك كله أو بعضه لان العشر لا يضمن
(٦٣)