باندفاع ما كان ثابتا فيندفع الثابت ضرورة دفع الزيادة وهذا يمكن إذ ليس بعض الملك تابعا لبعض فلا تقع الحاجة إلى قضاء القاضي ونظير الفصلين الرد بالعيب قبل القبض وبعده ان الأول يثبت بدون قضاء القاضي والثاني لا يثبت عند عدم التراضي منهما الا بقضاء القاضي والله عز وجل أعلم ولو زوج ابنته ابن أخيه فلا خيار لها بالاجماع لان النكاح صدر عن الأب وأما ابن الأخ فله الخيار في قول أبي حنيفة ومحمد لصدور النكاح عن العم وعند أبي يوسف لا خيار له والمسألة قد مرت ولو أعتق أمته ثم زوجها وهي صغيرة فلها خيار البلوغ لأن ولاية الولاء دون ولاية القرابة فلما ثبت الخيار ثمة فلان يثبت ههنا أولى ولو زوجها ثم أعتقها وهي صغيرة فلها إذا بلغت خيار العتق لا خيار البلوغ لان النكاح صادفها وهي رقيقة * (فصل) * ومنها كفاءة الزوج في إنكاح المرأة الحرة البالغة العاقلة نفسها من غير رضا الأولياء بمهر مثلها فيقع الكلام في هذا الشرط في أربعة مواضع أحدها في بيان ان الكفاءة في باب النكاح هل هي شرط لزوم النكاح في الجملة أم لا والثاني في بيان النكاح الذي الكفاءة من شرط لزومه والثالث في بيان ما تعتبر فيه الكفاءة والرابع في بيان من يعتبر له الكفاءة أما الأول فقد قال عامة العلماء انها شرط وقال الكرخي ليست بشرط أصلا وهو قول مالك وسفيان الثوري والحسن البصري واحتجوا بما روى أن أبا طيبة خطب إلى بنى بياضة فأبوا ان يزوجوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكحوا أبا طيبة ان لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وروى أن بلالا رضي الله عنه خطب إلى قوم من الأنصار فأبوا ان يزوجوه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تزوجوني أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزويج عند عدم الكفاءة ولو كانت معتبرة لما أمر لان التزويج من غير كف ء غير مأمور به وقال صلى الله عليه وسلم ليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى وهذا نص ولان الكفاءة لو كانت معتبرة في الشرع لكان أولى الأبواب بالاعتبار بها باب الدماء لأنه يحتاط فيه ما لا يحتاط في سائر الأبواب ومع هذا لم يعتبر حتى يقتل الشريف بالوضيع فههنا أولى والدليل عليه انها لم تعتبر في جانب المرأة فكذا في جانب الزوج (ولنا) ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يزوج النساء الا الأولياء ولا يزوجن الا من الأكفاء ولا مهر أقل من عشرة دراهم ولان مصالح النكاح تختل عند عدم الكفاءة لأنها لا تحصل الا بالاستفراش والمرأة تستنكف عن استفراش غير الكفء وتعير بذلك فتختل المصالح ولان الزوجين يجرى بينهما مباسطات في النكاح لا يبقى النكاح بدون تحملها عادة والتحمل من غير الكفء أمر صعب يثقل على الطباع السليمة فلا يدوم النكاح مع عدم الكفاءة فلزم اعتبارها ولا حجة لهم في الحديثين لان الامر بالتزويج يحتمل أنه كان ندبا لهم إلى الأفضل وهو اختيار الدين وترك الكفاءة فيما سواه والاقتصار عليه وهذا لا يمنع جواز الامتناع وعندنا الأفضل اعتبار الدين والاقتصار عليه ويحتمل أنه كان أمر ايجاب أمرهم بالتزويج منهما مع عدم الكفاءة تخصيصا لهم بذلك كما خص أبا طيبة بالتمكين من شرب دمه صلى الله عليه وسلم وخص خزيمة بقبول شهادته وحده ونحو ذلك ولا شركة في موضع الخصوصية حملنا الحديثين على ما قلنا توفيقا بين الدلائل وأما الحديث الثالث فالمراد به أحكام الآخرة إذ لا يمكن حمله على أحكام الدنيا لظهور فضل العربي على العجمي في كثير من أحكام الدنيا فيحمل على أحكام الآخرة وبه نقول والقياس على القصاص غير سديد لان القصاص شرع لمصلحة الحياة واعتبار الكفاءة فيه يؤدى إلى تفويت هذه المصلحة لان كل أحد يقصد قتل عدوه الذي لا يكافئه فتفوت المصلحة المطلوبة من القصاص وفى اعتبار الكفاءة في باب النكاح تحقيق المصلحة المطلوبة من النكاح من الوجه الذي بينا فبطل الاعتبار وكذا الاعتبار بجانب المرأة لا يصح أيضا لان الرجل لا يستنكف عن استفراش المرأة الدنيئة لان الاستنكاف عن المستفرش لا عن المستفرش والزوج مستفرش فيستفرش الوطئ والخشن * (فصل) * وأما الثاني فالنكاح الذي الكفاءة فيه شرط لزومه هو انكاح المرأة نفسها من غير رضا الأولياء لا يلزم
(٣١٧)