معين وإن كان أحرم بالعمرة والحجة إن كان قارنا فعليه قضاء حجة وعمرتين أما قضاء حجة وعمرة فلوجوبهما بالشروع وأما عمرة أخرى فلفوات الحج في عامه ذلك وهذا على أصلنا فاما على أصل الشافعي فليس عليه الا حجة بناء على أصله أن القارن محرم باحرام واحد ويدخل احرام العمرة في الحجة فكان حكمه حكم المفرد بالحج والمفرد بالحج إذا أحصر لا يجب عليه الا قضاء حجة عنده فكذا القارن والله أعلم وأما حكم زوال الاحصار فالاحصار إذا زال لا يخلو من أحد وجهين اما ان زال قبل بعث الهدى أو بعدما بعث فان زال قبل أن يبعث الهدى مضى على موجب احرامه وإن كان قد بعث الهدى ثم زال الاحصار فهذا لا يخلو من أربعة أوجه اما إن كان يقدر على ادراك الهدى والحج أو لا يقدر على ادراكهما جميعا أو يقدر على ادراك الهدى دون الحج أو يقدر على ادراك الحج دون الهدى فإن كان يقدر على ادراك الهدى والحج لم يجز له التحلل ويجب عليه المضي فان إباحة التحلل لعذر الاحصار والعذر قد زال وإن كان لا يقدر على ادراك واحد منهما لم يلزمه المضي وجاز له التحلل لأنه لا فائدة في المضي فتقرر الاحصار فيتقرر حكمه وإن كان يقدر على ادراك الهدى ولا يقدر على ادراك الحج لا يلزمه المضي أيضا لعدم الفائدة في ادراك الهدى دون ادراك الحج إذ الذهاب لأجل ادراك الحج فإذا كان لا يدرك الحج فلا فائدة في الذهاب فكانت قدرته على ادراك الهدى والعدم بمنزلة واحدة وإن كان يقدر على ادراك الحج ولا يقدر على ادراك الهدى قيل إن هذا الوجه الرابع إنما يتصور على مذهب أبي حنيفة لان دم الاحصار عنده لا يتوقف بأيام النحر بل يجوز قبلها فيتصور ادراك الحج دون ادراك الهدى فاما على مذهب أبي يوسف ومحمد فلا يتصور هذا الوجه الا في المحصر عن العمرة لان دم الاحصار عندهما مؤقت بأيام النحر فإذا أدرك الحج فقد أدرك الهدى ضرورة وإنما يتصو عندهما في المحصر عن العمرة لان الاحصار عنها لا يتوقت بأيام النحر بلا خلاف وإذا عرف هذا فقياس مذهب أبي حنيفة في هذا الوجه أنه يلزمه المضي ولا يجوز له التحلل لأنه إذا قدر على ادراك الحج لم يعجز عن المضي في الحج فلم يوجد عذر الاحصار فلا يجوز له التحلل ويلزمه المضي وفى الاستحسان لا يلزمه المضي ويجوز له التحلل الا أنه إذا كان لا يقدر على ادراك الهدى صار كان الاحصار زال عنه بالذبح فيحل بالذبح عنه ولان الهدى قد مضى في سبيله بدليل انه لا يجب الضمان بالذبح على من بعث على يده بدنة فصار كأنه قدر على الذهاب بعدما ذبح عنه والله أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يحظره الاحرام وما لا يحظره وبيان ما يجب بفعل المحظور فجملة الكلام فيه أن محظورات الاحرام في الأصل نوعان نوع لا يوجب فساد الحج ونوع يوجب فساده اما الذي لا يوجب فساد الحج فأنواع بعضها يرجع إلى اللباس وبعضها يرجع إلى الطيب وما يجرى مجراه من إزالة الشعث وقضاء التفث وبعضها يرجع إلى توابع الجماع وبعضها يرجع إلى الصيد أما الأول فالمحرم لا يلبس المخيط جملة ولا قميصا ولا قباء ولا جبة ولا سراويل ولا عمامة ولا قلنسوة ولا يلبس خفين الا أن لا يجد نعلين فلا بأس أن يقطعهما أسفل الكعبين فيلبسهما والأصل فيه ما روى عن عبد الله بن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما يلبس المحرم من الثياب فقال لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف الا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا يلبس من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين فان قيل في هذا الحديث ضرب اشكال لان فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبس المحرم فقال لا يلبس كذا وكذا من المخيط فسئل عن شئ فعدل عن محل السؤال وأجاب عن شئ آخر لم يسئل عنه وهذا محيد عن الجواب أو يوجب أن يكون اثبات الحكم في مذكور دليلا على أن الحكم في غيره بخلافه وهذا خلاف المذهب فالجواب عنه من وجوه أحدها أنه يحتمل أن يكون السؤال عما لا يلبسه المحرم وأضمر لا في محل السؤال لان لا تارة تزاد في الكلام وتارة تحذف عنه قال الله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا أي لا تضلوا فكان معنى الكلام أنه سئل عمالا يلبسه المحرم فقال لا يلبس المحرم كذا وكذا فكان الجواب مطابقا للسؤال والثاني يحتمل أن النبي صلى
(١٨٣)