عن الميت ثانيا لأنه خالف الا إذا كان المكان الذي أحج عنه قريبا إلى وطنه بحيث يبلغ إليه ويرجع إلى الوطن قبل الليل فحينئذ لا يكون مخالفا ولا ضامنا ويكون كاختلاف المحل ولو مات في محلة فاحجوا عنه من محلة أخرى جاز كذا هذا فان قال الموصى أحجوا عنى بثلث مالي وثلث ماله يبلغ حججا حج عنه حججا كذا روى القدوري في شرحه مختصر الكرخي وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه إذا أوصى أن يحج عنه بثلث ماله وثلث ماله يبلغ حججا يحج عنه حجة واحدة من وطنه وهي حجة الاسلام الا إذا أوصى أن يحج عنه بجميع الثلث فيحج عنه حججا بجميع الثلث وما ذكره القاضي أثبت لان الوصية بالثلث وبجميع الثلث واحد لان الثلث اسم لجميع هذا السهم ثم الوصي بالخيار ان شاء أحج عنه الحجج في سنة واحدة وان شاء أحج عنه في كل سنة واحدة والأفضل أن يكون في سنة واحدة لان فيه تعجيل تنفيذ الوصية والتعجيل في هذا أفضل من التأخير وان أوصى أن يحج عنه من موضع كذا من غير بلده يحج عنه من ثلث ماله من ذلك الموضع الذي بين قرب من مكة أو بعد عنها لان الاحجاج لا يجوز الا بأمره فيتقدر بقدر أمره وما فضل في يد الحاج عن الميت بعد النفقة في ذهابه ورجوعه فإنه يرده على الورثة لا يسعه ان يأخذ شيئا مما فضل لان النفقة لا تصير ملكا للحاج بالاحجاج وإنما ينفق قدر ما يحتاج إليه في ذهابه وإيابه على حكم ملك الميت لأنه لو ملك إنما يملك بالاستئجار والاستئجار على الطاعات لا يجوز عندنا فكان الفاضل ملك الورثة فيجب عليه رده إليهم ولو قاسم الورثة وعزل قدر نفقة الحج ودفع بقية التركة إلى الورثة فهلك المعزول في يد الوصي أو في يد الحاج قبل الحج بطلت القسمة في قول أبي حنيفة وهلك ذلك القدر من الجملة ولا تبطل الوصية ويحج له من ثلث المال الباقي حتى يحصل الحج أو ينوى المال في قول أبي حنيفة وجعل أبو حنيفة الحج بمنزلة الموصى له الغائب وقسمة الوصي مع الورثة على الموصى له الغائب لا يجوز حتى لو قاسم مع الورثة وعزل نصيب الموصى له ثم هلك في يده قبل أن يصل إلى الموصى له الغائب يهلك من الجملة ويأخذ الموصى له ثلث الباقي كذلك الحج وعند أبي يوسف ان بقي من ثلث ماله شئ يحج عنه مما بقي من ثلثه من حيث يبلغ وانه لم يبق من ثلثه شئ بطلت الوصية وقال محمد قسمة الوصية جائزة وتبطل الوصية بهلاك المعزول سواء بقي من المعزول شئ أو لم يبق شئ فإن لم يهلك ذلك المال ولكن مات المجهز في بعض طريق مكة فما أنفق المجاهز إلى وقت الموت نفقة مثله فلا ضمان عليه لأنه لم ينفق على الخلاف بل على الوفاق وما بقي في يد المجهز القياس أن يضم إلى مال الموصى فيعزل ثلث ماله ويحج عنه من وطنه وهو قول أبي حنيفة وفى الاستحسان يحج بالباقي من حيث تبلغ وهو قولهما * (فصل) * ثم الحج كما هو واجب بايجاب الله تعالى ابتداء على من استجمع شرائط الوجوب وهو حجة الاسلام فقد يجب بايجاب الله تعالى لكن بناؤه على وجود سبب الوجوب من العبد وهو النذر بأن يقول لله على حجة لان النذر من أسباب الوجوب في العبادات والقرب المقصودة قال النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه وكذا لو قال على حجة فهذا وقوله لله على حجة سواء لان الحج لا يكون الا لله تعالى وسواء كان النذر مطلقا أو معلقا بشرط بأن قال إن فعلت كذا فلله على أن أحج حتى يلزمه الوفاء به إذا وجد الشرط ولا يخرج عنه بالكفارة في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وسنذكر إن شاء الله تعالى المسألة في كتاب النذر ولو قال لله على احرام أو قال على احرام صح وعليه حجة أو عمرة والتعيين إليه وكذا إذا كر لفظا يدل على التزام الاحرام بأن قال لله على المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة جاز وعليه حجة أو عمرة ولو قال إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لم يصح ولا يلزمه شئ في قول أبي حنيفة وعندهما يصح ويلزمه حجة أو عمرة ولو قال إلى الصفا والمروة لا يصح في قولهم جميعا ولو قال على الذهاب إلى بيت الله أو الخروج أو السفر أو الاتيان لا يصح في قولهم ودلائل هذه المسائل تذكر إن شاء الله تعالى في كتاب النذر فإنه كتاب مفرد وإنما نذكر ههنا بعض ما يختص بالحج فان
(٢٢٣)