لطول فالتعليق بالشرط عندنا يقتضى الوجود عند وجود الشرط اما لا يقتضى العدم عند عدمه قال الله تعالى فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة ثم إذا تزوج واحدة جاز وإن كان لا يخاف الجور في نكاح المثنى والثلاث والرباع وقال تعالى في الإماء فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وهذا لا يدل على نفى الحد عنهن عند عدم الاحصان وهو التزوج وهو الجواب عن قوله عز وجل ذلك لمن خشي العنت منكم على أن العنت يذكر ويراد به الضيق كقوله عز وجل ولو شاء الله لأعنتكم أي لضيق عليكم أي من يضيق عليه النفقة والاسكان لترك الحرة بالطلاق وتزوج الأمة فالطول المذكور يحتمل أن يراد به القدرة على المهر ويحتمل أن يراد به القدرة على الوطئ لان النكاح يذكر ويراد به الوطئ بل حقيقة الوطئ على ما عرف فكان معناه فمن لم يقدر منكم على وطئ المحصنات وهي الحرائر والقدرة على وطئ الحرة إنما يكون في النكاح ونحن نقول به ان من لم يقدر على وطئ الحرة بأن لم يكن في نكاحه حرة يجوز له نكاح الأمة ومن قدر على ذلك بأن كان في نكاحه حرة لا يجوز له نكاح الأمة ونقل هذا التأويل عن علي رضي الله عنه فلا يكون حجة مع الاحتمال على أن فيها إباحة نكاح الأمة عند عدم طول الحرة وهذا تقديم وتأخير في الجواب عن التعليق بالآية وأما قوله نكاح الأمة يتضمن ارقاق الحر لان ماء الحر حر فنقول إن عنى به اثبات حقيقة الرق فهذا لا يتصور لأن الماء جماد لا يوصف بالرق والحرية وان عنى به التسبب إلى حدوث رق الولد فهذا مسلم لكن أثر هذا في الكراهة لا في الحرية فان نكاح الأمة في حال طول الحرة في حق العبد جائز بالاجماع وإن كان نكاحها مباشرة سبب حدوث الرق عندنا فكره نكاح الأمة مع طول الحرة ولو تزوج أمة وحرة في عقدة واحدة جاز نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة لان كل واحدة منهما على صاحبتها مدخولة عليها فيعتبر حالة الاجتماع بحال الانفراد فيجوز نكاح الحرة لان نكاحها على الأمة حالة الانفراد جائز فكذا حالة الاجتماع ويبطل نكاح الأمة لان نكاحها على الحرة وادخالها عليها لا يجوز حالة الانفراد فكذا عند الاجتماع بخلاف ما إذا تزوج أختين في عقدة واحدة لان المحرم هناك هو الجمع بين الأختين والجمع حصل بهما فبطل نكاحهما وههنا المحرم هو ادخال الأمة على الحرة لا الجمع ألا ترى أنه لو كان نكاح الأمة متقدما على نكاح الحرة جاز نكاح الحرة وان وجد الجمع فكذلك إذا اقترن الأمران والله عز وجل اعلم وكذلك إذا جمع بين أجنبية وذات محارمه جاز نكاح الأجنبية وبطل نكاح المحرم ويعتبر حالة الاجتماع بحالة الانفراد وهل ينقسم المهر عليهما في قول أبي حنيفة لا ينقسم ويكون كله للأجنبية وعندهما ينقسم المسمى على قدر مهر مثلها * (فصل) * ومنها أن لا تكون منكوحة الغير لقوله تعالى والمحصنات من النساء معطوفا على قوله عز وجل حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله والمحصنات من النساء وهن ذوات الأزواج وسواء كان زوجها مسلما أو كافرا الا المسبية التي هي ذات زوج سبيت وحدها لان قوله عز وجل والمحصنات من النساء عام في جميع ذوات الأزواج ثم استثنى تعالى منها المملوكات بقوله تعالى الا ما ملكت أيمانكم والمراد منها المسبيات اللاتي سبين وهن ذوات الأزواج ليكون المستثنى من جنس المستثنى منه فيقتضى حرمة نكاح كل ذات زوج الا التي سبيت كذا روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه الآية كل ذات زوج ابيانها زنا الا ما سبيت والمراد منه التي سبيت وحدها وأخرجت إلى دار الاسلام لان الفرقة ثبتت بتباين الدارين عندنا لا بنفس السبي على ما نذكر إن شاء الله تعالى وصارت هي في حكم الذمية ولان اجتماع رجلين على امرأة واحدة يفسد الفراش لأنه يوجب اشتباه النسب وتضييع الولد وفوات السكن والألفة والمودة فيفوت ما وضع النكاح له * (فصل) * ومنها أن لا تكون معتدة الغير لقوله تعالى ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله أي ما كتب عليها من التربص ولان بعض أحكام النكاح حالة العدم قائم فكان النكاح قائما من وجه والثابت
(٢٦٨)