تزاد في الكلام صلة كقوله تعالى ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك معناه أن تسجد فكان كالقراءة المشهورة في المعنى وأما الحديث فلا يصح تعلق الشافعي به على زعمه لأنه قال روت صفية بنت فلان فكانت مجهولة لا ندري من هي والعجب منه أنه يأبى مرة قبول المراسيل لتوهم الغلط ويحتج بقول امرأة لا تعرف ولا يذكر اسمها على أنه ان ثبت فلا حجة له فيه لان الكنية قد تذكر ويراد بها الحكم قال الله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أي في حكم الله وقال عز وجل كتب الله عليكم أي حكم الله عليكم فان أريد بها الأول تكون حجة وان أريد بها الثاني لا تكون حجة لان حكم الله تعالى لا يقتصر على الفرضية بل الوجوب والانتداب والإباحة من حكم الله تعالى فلا يكون حجة مع الاحتمال أو نحملها على الوجوب دون الفرضية توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض وإذا كان واجبا فان تركه لعذر فلا شئ عليه وان تركه لغير عذر لزمه دم لان هذا حكم ترك الواجب في هذا الباب أصله طواف الصدر وأصل ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حج هذا البيت فليكن آخر عهده بالبيت الطواف ورخص للحائض بخلاف الأركان فإنها لا تسقط بالعذر لان ركن الشئ ذاته فإذا لم يأت به فلم يوجد الشئ أصلا كأركان الصلاة بخلاف الواجب ولو ترك أربعة أشواط بغير عذر فعليه دم والأصل أن كل ما وجب في جميعه دم يجب في أكثره دم أصله طواف الصدر ورمى الجمار ولو ترك ثلاثة أشواط أطعم لكل شوط نصف صاع من بر مسكينا الا أن يبلغه ذلك دما فله الخيار والأصل في ذلك أن كل ما يكون في جميعه دم يكون في أقله صدقة لما نذكر إن شاء الله تعالى ولو ترك الصعود على الصفا والمروة يكره له ذلك ولا شئ عليه لان الصعود عليهما سنة فيكره تركه ولكن لو ترك لا شئ عليه كما لو ترك الرمل في الطواف * (فصل) * وأما قدره فسبعة أشواط لاجماع الأمة ولفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعد من الصفا إلى المروة شوطا ومن المروة إلى الصفا شوطا آخر كذا ذكر في الأصل وقال الطحاوي من الصفا إلى المروة ومن المروة إلى الصفا شوط واحد والصحيح ما ذكر في الأصل لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بينهما سبعة أشواط ولو كان كما ما ذكره الطحاوي لكان أربعة عشر شوطا والدليل على أن المذهب ما قلنا أن محمدا رحمه الله ذكر في الأصل فقال يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة وعلى ما ذكره الطحاوي يقع الختم بالصفا لا بالمروة فدل أن مذهب أصحابنا ما ذكرنا * (فصل) * وأما ركنه فيكنونته بين الصفا والمروة سواء كان بفعل نفسه أو بفعل غيره عند عجزه عن السعي بنفسه بأن كان مغمى عليه أو مريضا فسعى به محمولا أو سعى راكبا لحصوله كائنا بين الصفا والمروة وإن كان قادرا على المشي بنفسه فحمل أو ركب يلزمه الدم لان السعي بنفسه عند القدرة على المشي واجب فإذا تركه فقد ترك الواجب من غير عذر فيلزمه الدم كما لو ترك المشي في الطواف من غير عذر * (فصل) * وأما شرائط جوازه فمنها أن يكون بعد الطواف أو بعد أكثره لان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل وقد قال صلى الله عليه وسلم خذوا عنى مناسككم ولان السعي تبع للطواف وتبع الشئ كاسمه وهو ان يتبعه فيما تقدمه لا يتبعه فلا يكون تبعا له الا انه يجوز بعد وجود أكثر الطواف قبل تمامه لان للأكثر حكم الكل ومنها البداية بالصفا والختم بالمروة في الرواية المشهورة حتى لو بدأ بالمروة ختم بالصفا لزمه إعادة شوط واحد وروى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ان ذلك ليس بشرط ولا شئ عليه لو بدأ بالمروة وجه هذه الرواية انه أتى بأصل السعي وإنما ترك الترتيب فلا تلزمه الإعادة كما لو توضأ في باب الصلاة وترك الترتيب (ولنا) ان الترتيب ههنا مأمور به لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أما قوله فلما روى أنه لما نزل قوله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله قالوا بأيهما نبدأ يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم ابدؤا بما بدأ الله به وأما فعله صلى الله عليه وسلم فإنه بدأ بالصفا وختم بالمروة وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا موجبة لما تبين وإذا لزمت البداية بالصفا فإذا بدأ بالمروة إلى الصفا لا يعتد بذلك الشوط فإذا جاء من الصفا إلى المروة كان هذا أول شوط
(١٣٤)