بالهلاك سواء كان قبل الوجوب أو بعده ويكون عشر الباقي فيه قل أو كثر في قول أبي حنيفة لان النصاب عنده ليس بشرط وكذلك عندهما إن كان الباقي نصابا وهو خمسة أوسق وان لم يكن نصابا لا يعتبر قدر الهالك في تكميل النصاب في الباقي عندهما بل إن بلغ الباقي بنفسه نصابا يكون فيه العشر والا فلا هذا إذا هلك قبل الادراك أو استهلك فاما بعد الادراك والتنقية والجذاذ أو بعد الادراك قبل التنقية والجذاذ فان هلك سقط الواجب بلا خلاف بين أصحابنا كالزكاة تسقط إذا هلك النصاب وعند الشافعي لا تسقط وقد ذكرنا المسألة وان هلك بعضه سقط الواجب بقدره وبقى عشر الباقي فيه قليلا كان أو كثيرا عند أبي حنيفة لان النصاب ليس بشرط عنده وعندهما يكمل نصاب الباقي بالهالك ويحتسب به في تمام الخمسة الأوسق وروى عن أبي يوسف انه لا يعتبر الهالك في تمام الأوسق بل يعتبر التمام في الباقي فإن كان في نفسه نصابا يكون فيه العشر والا فلا وان استهلك فان استهلكه المالك ضمن عشره ويكون دينا في ذمته وان استهلك بعضه فقدر عشر المستهلك يكون دينا في ذمته وعشر الباقي في الخارج وان استهلكه غير المالك أخذ الضمان منه وأدى عشره لأنه هلك إلى خلف وهو الضمان فكان قائما معنى وان استهلك بعضه أخذ ضمانه وأدى عشر القدر المستهلك وعشر الباقي منه لما قلنا وان أكل صاحب المال من الثمر أو أطعم غيره يضمن عشره ويكون دينا في ذمته وعشر ما بقي يكون فيه وهذا على قول أبي حنيفة رحمه الله وروى عن أبي يوسف ان ما أكل أو أطعم بالمعروف لا يضمن عشره لكن يعتد به في تكميل النصاب وهو الأوسق فإذا بلغ الكل نصابا أدى عشر ما بقي احتج أبو يوسف بما روى عن سهل بن أبي خيثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا خرصتم فجذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فالربع وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا خيثمة خارصا فجاء رجل فقال يا رسول الله ان أبا خيثمة زاد على فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابن عمك يزعم انك قد زدت عليه فقال يا رسول الله لقد تركت له قدر عرية أهله وما يطعم المساكين وما يصيب الريح فقال صلى الله عليه وسلم لقد زادك ابن عمك وانصفك وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال خففوا في الخرص فان في المال العرية والوصية والمراد من العرية الصدقة أمر بالتخفيف في الخرص وبين المعنى وهو أن في المال عرية ووصية فلو ضمن عشر ما تصدق أو أكل هو وأهله لم يتحقق التخفيف ولأنه لو ضمن ذلك لامتنع من الاكل خوفا من العشر وفيه حرج الا انه يعتد بذلك في تكميل النصاب لان نفى وجوب الضمان عنه تخفيفا عليه نظرا له وفى عدم الاعتداد به في تمام الأوسق ضرر به وبالفقراء وهذا لا يجوز ولأبي حنيفة النصوص المقتضية لوجوب العشر في كل خارج من غير فصل بين المأكول والباقي فان قيل أليس الله تعالى قال وآتوا حقه يوم حصاد أمر بايتاء الحق يوم الحصاد فلا يجب الحق فيما أخذ منه قبل الحصاد يدل عليه قرينة الآية وهي قوله تعالي كلوا من ثمره إذا أثمر وهذا يدل على أن قدر المأكول أفضل إذ لو لم يكن أفضل لم يكن لقوله كلوا من ثمره إذا أثمر فائدة لان كل أحد يعلم أن الثمرة تؤكل ولا تصلح لغير الاكل فالجواب أن الآية لازمة له لان الحصاد هو القطع فيقتضى أن كل ما قطع أخذ منه شئ لزمه اخراج عشره من غير فصل بين ما إذا كان المقطوع مأكولا أو باقيا على أنا نقول بموجب الآية انه يجب إيتاء حقه يوم حصاده لكن ماحقه يوم حصاده أداء العشر عن الباقي فحسب أم عن الباقي والمأكول والآية لا تتعرض لشئ من ذلك فكان تمسكا بالمسكوت وانه لا يصح وأما قوله لا بد وأن يكون لقوله تعالي كلوا من ثمره إذا أثمر فائدة فنقول يحتمل أن يكون له فائدة سوى ما قلتم وهو إباحة الانتفاع رد الاعتقاد الكفرة تحريم الانتفاع بهذه الأشياء بجعلها للأصنام فرد ذلك عليهم بقوله عز وجل كلوا من ثمره إذا أثمر أي انتفعوا بها ولا تضيعوها بالصرف إلى الأصنام ولذلك قال ولا تسرفوا انه لا يجب المسرفين وأما الأحاديث فقد قيل إنها وردت قبل حديث العشر ونصف العشر فصارت منسوخة به والله أعلم * (فصل) * وأما بيان ركن هذا النوع وشرائط الركن أما ركنه فهو التمليك لقوله تعالى وآتوا حقه يوم
(٦٤)