تكن زانية بدونها ولان الحاجة مست إلى دفع تهمة الرنا عنها ولا تندفع الا بالشهود لأنها لا؟ ندفع الا بظهور النكاح واشتهاره ولا يشتهر الا بقول الشهود وبه تبين ان الشهادة في النكاح ما شرطت الا في النكاح للحاجة إلى دفع الجحود والانكار لان ذلك يندفع بالظهور والاشتهار لكثرة الشهود على النكاح بالسماع من العاقدين وبالتسامع وبهذا فارق سائر العقود فان الحاجة إلى الشهادة هناك لدفع احتمال الشهود النسيان أو الجحود والانكار في الثاني إذ ليس بعدها ما يشهرها ليندفع به الجحود فتقع الحاجة إلى الدفع بالشهادة فندب عليها وما روى أنه نهى عن نكاح السر فنقول بموجبه لكن نكاح السر ما لم يحضره شاهدان فاما ما حضره شاهدان فهو نكاح علانية لا نكاح سر إذ السر إذا جاوز اثنين خرج من أن يكون سرا قال الشاعر وسرك ما كان عند امرئ * وسر الثلاثة غير الخفي وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم أعلنوا النكاح لأنهما إذا أحضراه شاهدين فقد أعلناه وقوله صلى الله عليه وسلم ولو بالدف ندب إلى زيادة علانه وهو مندوب إليه والله عز وجل الموفق * (فصل) * وأما صفات الشاهد الذي ينعقد به النكاح وهي شرائط تحمل الشهادة للنكاح فمنها العقل ومنها البلوغ ومنها الحرية فلا ينعقد النكاح بحضرة المجانين والصبيان والمماليك قنا كان المملوك أو مدبرا أو مكاتبا من مشايخنا من أصل في هذا أصلا فقال كل من صلح أن يكون وليا في النكاح بولاية نفسه يصلح شاهدا فيه والا فلا وهذا الاعتبار صحيح لان الشهادة من باب الولاية لأنها تنفيذ القول على الغير والولاية هي نفاذ المشيئة وهؤلاء ليس لهم ولاية الانكاح لأنه لا ولاية لهم على أنفسهم فكيف يكون لهم ولاية على غيرهم الا المكاتب فإنه يزوج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بولاية مولاه بتسليطه على ذلك بعقد الكتابة وكان التزويج من المولى من حيث المعنى فلا يصلح شاهدا ومنهم من قال كل من يملك قبول عقد بنفسه ينعقد ذلك العقد بحضوره ومن لا فلا وهذا الاعتبار صحيح أيضا لان الشهادة من شرائط ركن العقد وركنه وهو الايجاب والقبول ولا وجود للركن بدون القبول فكما لا وجود للركن بدون القبول حقيقة لا وجود له شرعا بدون الشهادة وهؤلاء لا يملكون قبول العقد بأنفسهم فلا ينعقد النكاح بحضورهم والدليل على أنهم ليسوا من أهل الشهادة ان قاضيا لو قضى بشهادتهم ينفسخ قضاؤه عليه وعن أبي يوسف رحمه الله أنه أصل فيه أصلا وقال كل من جاز الحكم بشهادته في قول بعض الفقهاء ينعقد النكاح بحضوره ومن لا يجوز الحكم بشهادته عند أحد لا يجوز بحضوره وهذا الاعتبار صحيح أيضا لان الحضور لفائدة الحكم بها عند الأداء فإذا جاز الحكم بها في الجملة كان الحضور مفيدا ولا يجوز الحكم بشهادة هؤلاء عند البعض من الفقهاء ألا ترى ان قاضيا لو قضى بشهادتهم ينفسخ عليه قضاؤه * (فصل) * ومنها الاسلام في نكاح المسلم المسلمة فلا ينعقد نكاح المسلم المسلمة بشهادة الكفار لان الكافر ليس من أهل الولاية على المسلم قال الله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وكذا لا يملك الكافر قبول نكاح المسلم ولو قضى قاض بشهادته على المسلم ينقض قضاؤه وأما المسلم إذا تزوج ذمية بشهادة ذميين فإنه يجوز في قول أبي حنيفة وأبى يوسف سواء كانا موافقين لها في الملة أو مخالفين وقال محمد وزفر والشافعي لا يجوز نكاح المسلم الذمية بشهادة الذميين أما الكلام مع الشافعي فهو مبنى على أن شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض مقبولة على أصلنا وعلى أصله غير مقبولة وأما الكلام مع محمد وزفر فإنهما احتجا بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل والمراد منه عدالة الدين لا عدالة التعاطي لاجماعنا على أن فسق التعاطي لا يمنع انعقاد النكاح ولان الاشهاد شرط جواز العقد والعقد يتعلق وجوده بالطرفين طرف الزوج وطرف المرأة ولم يوجد الاشهاد على الطرفين لان شهادة الكافر حجة في حق
(٢٥٣)