بعض النقلة ان ثلاثة أحاديث لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد من جملتها هذا ولهذا لم يخرج في الصحيحين على أنا نقول بموجب الأحاديث لكن لما قلتم ان هذا انكاح بغير ولى بل المرأة ولية نفسها لما ذكرنا من الدلائل والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم النكاح عقد ضرر فممنوع بل هو عقد منفعة لاشتماله على مصالح الدين والدنيا من السكن والألف والمؤدة والتناسل والعفة عن الزنا واستيفاء المرأة بالنفقة الا أن هذه المصالح لا تحصل الا بضرب ملك عليها إذ لو لم تكن لا تصير ممنوعة عن الخروج والبروز والتزوج بزوج آخر وفى الخروج والبروز فساد السكن لان قلب الرجل لا يطمئن إليها وفى التزوج بزوج آخر فساد الفراش لأنها إذا جاءت بولد يشتبه النسب ويضيع الولد فالشرع ضرب عليها نوع ملك ضرورة حصول المصالح فكان الملك وسيلة إلى المصالح والوسيلة إلى المصلحة مصلحة وتسمية النكاح رقا بطريق التمثيل لا بطريق التحقيق لانعدام حقيقة الرق وقوله عقلها ناقص قلنا هذا النوع من النقصان لا يمنع العلم بمصالح النكاح فلا يسلب أهلية النكاح ولهذا لا يسلب أهلية سائر التصرفات من المعاملات والديانات حتى يصح منها التصرف في المال على طريق الاستبداد وإن كانت تجرى في التصرفات المالية خيانات خفية لا تدرك الا بالتأمل ويصح منها الاقرار بالحدود والقصاص ويؤخذ عليها الخطاب بالايمان وسائر الشرائع فدل ان مالها من العقل كاف والدليل عليه انه اعتبر عقلها في اختيار الأزواج حتى لو طلبت من الولي أن يزوجها من كف ء يفترض عليه التزويج حتى لو امتنع يصير عاضلا وينوب القاضي منابه في التزويج وأما حديث عائشة رضي الله عنها فقد قيل إن مداره على الزهري فعرض عليه فأنكره وهذا يوجب ضعفا في الثبوت يحقق الضعف ان راوي الحديث عائشة رضي الله عنها ومن مذهبها جواز النكاح بغير ولى والدليل عليه ما روى أنها زوجت بنت أخيها عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وإذا كان مذهبها في هذا الباب هذا فكيف تروى حديثا لا تعمل به ولئن ثبت فنحمله على الأمة لأنه روى في بعض الروايات أيما امرأة نكحت بغير اذن مواليها دل ذكر الموالي على أن المراد من المرأة الأمة فيكون عملا بالدلائل أجمع وأما قول محمد ان للولي حقا في النكاح فنقول الحق في النكاح لها على الولي لا للولي عليها بدليل انها تزوج على الولي إذا غاب غيبة منقطعة وإذا كان حاضرا يجبر على التزويج إذا أبى وعضل تزوج عليه والمرأة لا تجبر على النكاح إذا أبت وأراد الولي فدل أن الحق لها عليه ومن ترك حق نفسه في عقد له قبل غيره لم يوجب ذلك فساده على أنه إن كان للولي فيه ضرب حق لكن أثره في المنع من اللزوم إذا زوجت نفسها من غير كف ء لا في المنع من النفاذ والجواز لان في حق الأولياء في النكاح من حيث صيانتهم عما يلحقهم من الشين والعار بنسبة عدا الكفء إليهم بالصهرية فان زوجت نفسها من كف ء فقد حصلت الصيانة فزال المانع من اللزوم فيلزم وان تزوجت من غير كف ء ففي النفاذ إن كان ضرر بالأولياء وفى عدم النفاذ ضرر بها بابطال أهليتها والأصل في الضررين إذا اجتمعا أن يدفعا ما أمكن وههنا أمكن دفعهما بأن نقول بنفاذ النكاح دفعا للضرر عنها وبعدم اللزوم وثبوت ولاية الاعتراض للأولياء دفعا للضرر عنهم ولهذا نظير في الشريعة فان العبد المشترك بين اثنين إذا كاتب أحدهما نصيبه فقد دفع الضرر عنه حتى لو أدى بدل الكتابة يعتق ولكنه لم يلزمه حتى كان للشريك الآخر حق فسخ الكتابة قبل أداء البدل دفعا للضرر وكذا العبد إذا أحرم بحجة أو بعمرة صح احرامه حتى لو أعتق يمضى في احرامه لكنه لم يلزمه حتى أن للمولى أن يحلله دفعا للضرر عنه وكذا للشفيع حق تملك الدار بالشفعة دفعا للضرر عن نفسه ثم لو وهب المشترى الدار نفذت هبته دفعا للضرر عنه لكنها لا تلزم حتى للشفيع حق قبض الهبة والاخذ بالشفعة دفعا للضرر عن نفسه كذا هذا * (فصل) * وأما شرط التقدم فشيئان أحدهما العصوبة عند أبي حنيفة فتقدم العصبة على ذوي الرحم
(٢٤٩)