فعلم به لم يعشره لما مضى لان ما مضى سقط لانقطاع حق الولاية عنه بدخوله دار الحرب ولو اجتاز المسلم والحربي ولم يعلم بهما العاشر ثم علم بهما في الحول الثاني أخذ منهما لان الوجوب قد ثبت ولم يوجد ما يسقطه ولو مر على العاشر بالخضروات وبما لا يبقى حولا كالفاكهة ونحوها لا يعشره في قول أبي حنيفة وإن كانت قيمته مائتي درهم وقال أبو يوسف ومحمد يعشره وجه قولهما ان هذا مال التجارة والمعتبر في مال التجارة معناه وهو ماليته وقيمته لا عينه فإذا بلغت قيمته نصابا تجب فيه الزكاة ولهذا وجبت الزكاة فيه إذا كان يتجر فيه في المصر ولأبي حنيفة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس في الخضراوات صدقة والصدقة إذا أطلقت يراد بها الزكاة الا ان ما يتجر بها في المصر صار مخصوصا بدليل أو يحمل على أنه ليس فيها صدقة تؤخذ أي ليس للامام أن يأخذها بل صاحبها يؤديها بنفسه ولان الحول شرط وجوب الزكاة وأنها لا تبقى حولا والعاشر إنما يأخذ منها بطريق الزكاة ولأن ولاية الاخذ بسبب الحماية وهذه الأشياء لا تفتقر إلى الحماية لان أحدا لا يقصدها ولأنها تهلك في يد العاشر في المفازة فلا يكون أخذها مفيدا وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه تجب الزكاة على صاحبها بالاجماع وإنما الخلاف في أنه هل للعاشر حق الاخذ وذكر الكرخي انه لا شئ فيه في قول أبي حنيفة وهذا الاطلاق يدل على أن الوجوب مختلف فيه والله أعلم ولا يعشر مال الصبي والمجنون لأنهما ليسا من أهل وجوب الزكاة عليهما عندهما ولو مر صبي وامرأة من بنى تغلب على العاشر فليس على الصبي شئ وعلى المرأة ما على الرجل لان المأخوذ من بنى تغلب يسلك به مسلك الصدقات لا يفارقها الا في التضعيف والصدقة لا تؤخذ من الصبي وتؤخذ من المرأة ولو مر على عاشر الخوارج في أرض غلبوا عليها فعشره ثم مر على عاشر أهل العدل يعشره ثانيا لأنه بالمرور على عاشرهم ضيع حق سلطان أهل العدل وحق فقراء أهل العدل بعد دخوله تحت حماية سلطان أهل العدل فيضمن ولو مر ذمي على العاشر بخمر للتجارة أو خنازير يأخذ عشر ثمن الخمر ولا يعشر الخنازير في ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه يعشرهما وهو قول زفر وعند الشافعي لا يعشرهما وجه قول الشافعي أن الخمر والخنزير ليسا بمال أصلا والعشر إنما يؤخذ من المال وجه قول زفر انهما مالان متقومان في حق أهل الذمة فالخمر عندهم كالخل عندنا والخنزير عندهم كالشاة عندنا ولهذا كانا مضمونين على المسلم بالاتلاف وجه ظاهر الرواية وهو الفرق بين الخمر والخنزير من وجهين أحدهما ان الخمر من ذوات الأمثال والقيمة فيما له مثل من جنسه لا يقوم مقامه فلا يكون أخذ قيمة الخمر كاخذ عين الخمر والخنزير من ذوات القيم لا من ذوات الأمثال والقيمة فيما لا مثل له يقوم مقامه فكان أخذ قيمته كاخذ عينه وذا لا يجوز للمسلم والثاني ان الاخذ حق للعاشر بسبب الحماية وللمسلم ولاية حماية الخمر في الجملة الا ترى انه إذا ورث الخمر فله ولاية حمايتها عن غيره بالغصب ولو غصبها غاصب له ان يخاصمه ويستردها منه للتخليل فله ولاية حماية خمر غيره عند وجود سبب ثبوت الولاية وهو ولاية السلطنة وليس للمسلم ولاية حماية الخنزير رأسا حتى لو أسلم وله خنازير ليس له ان يحميها بل يسببها فلا يكون له ولاية حماية خنزير غيره * (فصل) * واما القدر المأخوذ مما يمر به التاجر على العاشر فالمار لا يخلو اما إن كان مسلما أو ذميا أو حربيا فإن كان مسلما يأخذ منه في أموال التجارة ربع العشر لان المأخوذ منه زكاة فيؤخذ على قدر الواجب من الزكاة في أموال التجارة وهو ربع العشر ويوضع موضع الزكاة ويسقط عن ماله زكاة تلك السنة وإن كان ذميا يأخذ منه نصف العشر ويؤخذ على شرائط الزكاة لكن يوضع موضع الجزية والخراج ولا تسقط عنه جزية رأسه في تلك السنة غير نصارى بنى تغلب لان عمر رضي الله عنه صالحهم من الجزية على الصدقة المضاعفة فإذا أخذا العاشر منهم ذلك سقطت الجزية عنهم وإن كان حربيا يأخذ منه ما يأخذونه من المسلمين فان علم أنهم يأخذون منا ربع العشر أخذ منهم ذلك القدر وإن كان نصفا فنصف وإن كان عشرا فعشر لان ذلك ادعى لهم إلى المخالطة بدار الاسلام فيروا محاسن الاسلام فيدعوهم ذلك إلى الاسلام فإن كان لا يعلم ذلك يأخذ منه العشر وأصله ما روينا عن عمر رضي الله عنه كتب إلى العشار في الأطراف ان خذوا من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي
(٣٨)