في المشركين لكن العلة وهي الدعاء إلى النار يعم الكفرة أجمع فيتعمم الحكم بعموم العلة فلا يجوز انكاح المسلمة الكتابي كما لا يجوز انكاحها الوثني والمجوسي لان الشرع قطع ولاية الكافرين عن المؤمنين بقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فلو جاز انكاح الكافر المؤمنة لثبت له عليها سبيل وهذا لا يجوز وأما أنكحة الكفار غير المرتدين بعضهم لبعض فجائز في الجملة عند عامة العلماء وقال مالك أنكحتهم فاسدة لان للنكاح في الاسلام شرائط لا يراعونها فلا يحكم بصحة أنكحتهم وهذا غير سديد لقوله عز وجل وامرأته حمالة الحطب سماها الله تعالى امرأته ولو كانت أنكحتهم فاسدة لم تكن امرأته حقيقة ولان النكاح سنة آدم عليه الصلاة والسلام فهم على شريعته في ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح وإن كان أبواه كافرين ولان القول بفساد أنكحتهم يؤدى إلى أمر قبيح وهو الطعن في نسب كثير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لان كثيرا منهم ولدوا من أبوين كافرين والمذاهب تمتحن بعبادها فلما أفضى إلى قبيح عرف فسادها ويجوز نكاح أهل الذمة بعضهم لبعض وان اختلفت شرائعهم لان الكفر كله كاملة واحدة إذ هو تكذيب الرب سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبير فيما أنزل على رسله صلوات الله وسلامه عليهم وقال الله عز وجل لكم دينكم ولى دين واختلافهم في شرائعهم بمنزلة اختلاف كل فريق منهم فيما بينهم في بعض شرائعهم وذا لا يمنع جواز نكاح بعضهم لبعض كذا هذا * (فصل) * ومنها أن لا يكون أحد الزوجين ملك صاحبه ولا ينتقص منه ملكه فلا يجوز للرجل أن يتزوج بجاريته ولا بجارية مشتركة بينه وبين غيره وكذلك لا يجوز للمرأة أن تتزوج عبدها ولا العبد المشترك بينها وبين غيرها لقوله تعالى والذين هم لفرجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم الا آية ثم أباح الله عز وجل الوطئ الا بأحد أمرين لان كلمة تتناول أحد المذكورين فلا تجوز الاستباحة بهما جميعا ولان للنكاح حقوقا تثبت على الشركة بين الزوجين منها مطالبة المرأة الزوج بالوطئ ومطالبة الزوج الزوجة بالتمكين وقيام ملك الرقبة يمنع من الشركة وإذا لم تثبت الشركة في ثمرات النكاح لا يفيد النكاح فلا يجوز ولان الحقوق الثابتة بالنكاح لا يجوز ان تثبت على المولى لامته ولا على الحرة لعبدها لان ملك الرقبة يقتضى أن تكون الولاية للمالك وكون المملوك يولى عليه وملك النكاح يقتضى ثبوت الولاية للمملوك على المالك فيؤدى إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد واليا وموليا عليه في شئ واحد وهذا محال ولان النكاح لا يجوز من غير مهر عندنا ولا يجب للمولى على عبده دين ولا للعبد على مولاه وكذا لا يجوز أن يتزوج مدبرته ومكاتبته لان كل واحد منهما ملكه فكذا إذا اعترض ملك اليمين على نكاح يبطل النكاح بأن ملك أحد الزوجين صاحبه أو شقصا منه لما نذكر إن شاء الله تعالى في موضعه * (فصل) * ومنها التأبيد فلا يجوز النكاح المؤقت وهو نكاح المتعة وانه نوعان أحدهما أن يكون بلفظ التمتع والثاني أن يكون بلفظ النكاح والتزويج وما يقوم مقامهما أما الأول فهو أن يقول أعطيك كذا على أن أتمتع منك يوما أو شهرا أو سنة ونحو ذلك وانه باطل عند عامة العلماء وقال بعض الناس هو جائز واحتجوا بظاهر قوله تعالى فما استمعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة والاستدلال بها من ثلاثة أوجه أحدها انه ذكر الاستمتاع ولم يذكر النكاح والاستمتاع والتمتع واحد والثاني انه تعالى أمر بايتاء الاجر وحقيقة الإجارة والمتعة عقد الإجارة على منفعة البضع والثالث انه تعالى أمر بايتاء الاجر بعد الاستمتاع وذلك يكون في عقد الإجارة والمتعة فأما المهر فإنما يجب في النكاح بنفس العقد ويؤخذ الزوج بالمهر أولا ثم يمكن من الاستمتاع فدلت الآية الكريمة على جواز عقد المتعة ولنا الكتاب والسنة والاجماع والمعقول أما الكتاب الكريم فقوله عز وجل والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم حرم تعالى الجماع الا بأحد شيئين والمتعة
(٢٧٢)