الجزاء بالجناية على الاحرام وبالنبات والعود إلى ما كان لا يتبين ان الجناية لم تكن فلا تسقط الجزاء ولأبي حنيفة ان وجوب الجزاء لمكان النقصان وقد زال فيزول الضمان كما لو قلع سن ظبي لم يثغر (وأما) حكم أخذ الصيد فالمحرم إذا أخذ الصيد يجب عليه ارساله سواء كان في يده أو في قفص معه أو في بيته لان الصيد استحق الامن باحرامه وقد فوت عليه الامن بالاخذ فيجب عليه اعادته إلى حالة الامن وذلك بالارسال فان أرسله محرم من يده فلا شئ على المرسل لان الصائد ما ملك الصيد فلم يصر بالارسال متلفا ملكه وإنما وجب عليه الارسال ليعود إلى حالة الامن فإذا أرسل فقد فعل ما وجب عليه وان قتله فعلى كل واحد منهما جزاء اما القاتل فلانه محرم قتل صيدا واما الآخذ فلانه فوت الامن على الصيد بالاخذ وانه سبب لوجوب الضمان الا انه يسقط بالارسال فإذا تعذر الارسال لم يسقط وللآخذ ان يرجع بما ضمن على القاتل عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا يرجع وجه قوله إن المحرم لم يملك الصيد بالاخذ فكيف يملك بدله عند الاتلاف (ولنا) ان الملك له وان لم يثبت فقد وجد سبب الثبوت في حقه وهو الاخذ قال النبي صلى الله عليه وسلم الصيد لمن أخذه الا انه تعذر جعله سببا لملك غير الصيد فيجعل سببا لملك بدله فيملك بدله عند الاتلاف ويجعل كان الأصل كان ملكه كمن غصب مدبرا فجاء انسان وقتله في يد الغاصب أو غصبه من يده فضمن المالك الغاصب فان للغاصب أن يرجع بالضمان على الغاصب والقاتل وكذا هذا في غصب أم الولد وان لم يملك المدبر وأم الولد لما قلنا كذا هذا ولو أصاب الحلال صيدا ثم أحرم فإن كان ممسكا إياه بيده فعليه ارساله ليعود به إلى الامن الذي استحقه بالاحرام فإن لم يرسله حتى هلك في يده يضمن قيمته وان أرسله انسان من بده ضمن له قيمته في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يضمن وجه قولهما ان الارسال كان واجبا على المحرم حقا لله فإذا أرسله الأجنبي فقد احتسب بالارسال فلا يضمن كما لو أخذه وهو محرم فأرسله انسان من يده ولأبي حنيفة انه أتلف صيدا مملوكا له فيضمن كما لو أتلف قبل الاحرام والدليل على أن الصيد ملكه انه أخذه وهو حلال وأخذ الصيد من الحلال سبب لثبوت الملك لقوله صلى الله عليه وسلم الصيد لمن أخذه واللام للملك والعارض وهو الاحرام أثره في حرمة التعرض لا في زوال الملك بعد ثبوته واما قولهما ان المرسل احتسب بالارسال لأنه واجب فنقول الواجب هو الارسال على وجه يفوت يده عن الصيد أصلا ورأسا أو على وجه يزول يده الحقيقية عنه ان قالا على وجه يفوت يده أصلا ورأسا ممنوع وان قالا على وجه يزول يده الحقيقية عنه فمسلم لكن ذلك يحصل بالارسال في بيته وان أرسله في بيته فلا شئ عليه بخلاف ما إذا اصطاده وهو محرم فأرسله غيره من يده لان الواجب على الصائد هناك ارسال الصيد على وجه يعود إليه به الامن الذي استحقه باحرامه وفى الامساك في القفص أو في البيت لا يعود الامن بخلاف المسألة الأولى لان الصيد هناك ما استحق الامن وقد أخذه وصار ملكا له وإنما يحرم عليه التعرض في حال الاحرام فيجب إزالة التعرض وذلك يحصل بزوال يده الحقيقية فلا يحرم عليه الارسال في البيت أو في القفص والدليل على التفرقة بينهما في الفصل الأول لو أرسله ثم وجده بعدما حل من احرامه في يد آخر له ان يسترده منه وفى الفصل الثاني ليس له ان يسترده وإن كان الصيد في قفص معه أو في بيته لا يجب ارساله عندنا وعند الشافعي يجب حتى أنه لو لم يرسله فمات لا يضمن عندنا وعنده يضمن والكلام فيه مبنى على أن من احرم وفى ملكه صيد لا يزول ملكه عنه عندنا وعنده يزول والصحيح قولنا لما بينا انه كان ملكا له والعارض وهو حرمة التعرض لا يوجب زوال الملك ويستوى فيما يوجب الجزاء الرجل والمرأة والمفرد والقارن غير أن القارن يلزمه جزاءان عندنا لكونه محرما باحرامين فيصير جانيا عليهما فيلزمه كفارتان وعند الشافعي لا يلزمه الا جزاء واحد لكونه محرما باحرام واحد (وأما) الذي يوجب فساد الحج فالجماع لقوله عز وجل فلا رفث ولا فسوق عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما انه الجماع وانه مفسد للحج لما نذكر في بيان ما يفسد الحج وبيان حكمه إذا فسد إن شاء الله تعالى هذا الذي ذكرنا بيان ما يخص المحرم من المحظورات وهي محظورات الاحرام والله أعلم
(٢٠٦)