الاشتهار في النكاح لدفع تهمة الزنا لا لصيانة العقد عن الجحود ولانكار والتهمة تندفع بالحضور من غير قبول على أن معنى الصيانة يحصل بسبب حضورهما وإن كان لا تقبل شهادتهما لان النكاح يظهر ويشتهر بحضورهما فإذا ظهر واشتهر تقبل الشهادة فيه بالتسامع فتحصل الصيانة وكذا إذا تزوج امرأة بشهادة ابنيه لا منها أو ابنيها لا منه يجوز لما قلنا ثم عند وقوع الحجر والانكار ينظر ان وقعت شهادتهما لواحد من الأبوين لا تقبل وان وقعت عليه تقبل لان شهادة الابن لأبويه غير مقبولة وشهادتهما عليه مقبولة ولو زوج الأب ابنته من رجل بشهادة ابنيه وهما أخوا المرأة فلا يشك انه يجوز النكاح وإذا وقع الجحود بين الزوجين فإن كان الأب مع الجاحد منهما أيهما كان تقبل شهادتهما لأن هذه شهادة على الأب فتقبل وإن كان الأب مع المدعى منهما أيهما كان لا تقبل شهادتهما عند أبي يوسف وعند محمد تقبل فأبو يوسف نظر إلى الدعوى والانكار فقال إذا كان الأب مع المنكر فشهادتهما تقع على الأب فتقبل وإذا كان مع المدعى فشهادتهما تقع للأب لان التزويج كان من الأب فلا تقبل ومحمد نظر إلى المنفعة وعدم المنفعة فقال إن كان للأب منفعة لا تقبل سواء كان مدعيا أو منكرا وان لم يكن له منفعة تقبل وههنا لا منفعة للأب فتقبل والصحيح نظر محمد لان المانع من القبول هو التهمة وانها تنشأ عن النفع وكذلك هذا الاختلاف فيما إذا قال رجل لعبده ان كلمك زيد فأنت حر ثم قال العبد كلمني زيد وأنكر المولى فشهد للعبد ابنا زيد أباهما قد كلمه والمولى ينكر تقبل شهادتهما في قول محمد سواء كان زيد يدعى الكلام أو لا يدعى لأنه لا منفعة لزيد في الكلام وعند أبي يوسف إن كان زيد يدعى الكلام لا تقبل وإن كان لا يدعى تقبل وكذلك هذا الاختلاف فيمن توكل عن غيره في عقد ثم شهد ابنا الوكيل على العقد فإن كان حقوق العقد لا ترجع إلى العاقد تقبل شهادتهما عند محمد سواء ادعى الوكيل أو لم يدع لأنه ليس فيه منفعة وعند أبي يوسف إن كان يدعى لا تقبل وإن كان منكرا تقبل * (فصل) * وأما بيان وقت هذه الشهادة وهي حضور الشهود فوقتها وقت وجود ركن العقد وهو الايجاب والقبول لا وقت وجود الإجازة حتى لو كان العقد موقوفا على الإجازة فحضروا عقد الإجازة ولم يحضروا عند العقد لم تجز لان الشهادة شرط ركن العقد فيشترط وجودها عند الركن والإجازة ليست بركن بل هي شرط النفاذ في العقد الموقوف وعند وجود الإجازة يثبت الحكم بالعقد من حين وجوده فتعتبر الشهادة في ذلك الوقت والله تعالى الموفق * (فصل) * ومنها أن تكون المرأة محللة وهي أن لا تكون محرمة على التأبيد فإن كانت محرمة على التأبيد فلا يجوز نكاحها لان الانكاح احلال واحلال المحرم على التأبيد محال والمحرمات على التأبيد ثلاثة أنواع محرمات بالقرابة ومحرمات بالمصاهرة ومحرمات بالرضاع أما النوع الأول فالمحرمات بالقرابة سبع فرق الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت قال الله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم الآية أخبر الله تعالى عن تحريم هذه المذكورات فاما أن يعمل بحقيقة هذا الكلام حقيقة ويقال بحرمة الأعيان كما هو مذهب أهل السنة والجماعة وهي منع الله تعالى الأعيان عن تصرفنا فيها باخراجها من أن تكون محلا لذلك شرعا وهو التصرف الذي يعتاد ايقاعه في جنسها وهو الاستمتاع والنكاح واما أن يضمر فيه الفعل وهو الاستمتاع والنكاح في تحريم كل واحد منهما تحريم الآخر لأنه إذا حرم الاستمتاع وهو المقصود بالنكاح لم يكن النكاح مفيدا لخلوه عن العاقبة الحميدة فكان تحريم الاستمتاع تحريما للنكاح وإذا حرم النكاح وانه شرع وسيلة إلى الاستمتاع والاستمتاع هو المقصود فكان تحريم الوسيلة تحريما للمقصود بالطريق الأولى وإذا عرف هذا فنقول يحرم على الرجل أمه بنص الكتاب وهو قوله تعالى حرمت عليكم
(٢٥٦)