الإنفحة إذا خرجت بعد الموت انها طاهرة جامدة كانت أو مائعة وعندهما إن كانت مائعة فنجسة وإن كانت جامدة تطهر بالغسل ولو وقع عظم الميتة في البئر فإن كان عظم الخنزير أفسده كيفما كان واما عظم غيره فإن كان عليه لحم أو دسم يفسد الماء لأن النجاسة تشيع في الماء وان لم يكن عليه شئ لم يفسد لان العظم طاهر بئر وجب منها نزح عشرين دلوا فنزح الدلو الأول وصب في بئر طاهرة ينزح منها عشرون دلوا والأصل في هذا ان البئر الثانية تطهر بما تطهر به الأولى حين كان الدلو المصبوب فيها ولو صب الدلو الثاني ينزح تسعة عشر دلوا ولو صب الدلو العاشر في رواية أبى سليمان ينزح عشرة دلاء وفى رواية أبى حفص أحد عشر دلوا وهو الأصح والتوفيق بين الروايتين ان المراد من الأولى سوى المصبوب ومن الثانية مع المصبوب ولو صب الدلو الأخير ينزح دلوا واحدا لان طهارة الأولى به ولو أخرجت الفأرة وألقيت في بئر طاهرة وصب فيها أيضا عشرون دلوا من ماء الأولى تطرح الفأرة وينزع عشرون دلوا لان طهارة الأولى به فكذا الثانية بئران وجب من كل واحدة منهما نزح عشرين فنزح عشرون من أحدهما وصب في الأخرى ينزح عشرون ولو وجب من إحداهما نزح عشرين ومن الأخرى نزح أربعين فنزح ما وجب من إحداهما وصب في الأخرى ينزح أربعون والأصل فيه ان ينظر إلى ما وجب من النزح منها والى ما صب فيها فإن كانا سواء تداخلا وإن كان أحدهما أكثر دخل القليل في الكثير وعلى هذا ثلاثة آبار وجب من كل واحدة نزح عشرين فنزح الواجب من البئرين وصب في الثالثة ينزح أربعون فلو وجب من إحداهما نزح عشرين ومن الأخرى نزح أربعين فصب الواجبان في بئر طاهرة ينزح أربعون لما قلنا من الأصل ولو نزح دلو من الأربعين وصب في العشرين ينزح أربعون لأنه لو صب في بئر طاهرة نزح كذلك فكذا هذا وهذا كله قول محمد وعن أبي يوسف روايتان في رواية ينزح جميع الماء وفى رواية ينزح الواجب والمصبوب جميعا فقيل له ان محمدا روى عنك الأكثر فأنكر فأرة وقعت في حب ماء وماتت فيها يهراق كله ولو صب ماؤه في بئر طاهرة فعند أبي يوسف ينزح المصبوب وعشرون دلوا وعند محمد ينظر إلى ماء الحب فإن كان عشرين دلوا أو أكثر نزح ذلك القدر وإن كان أقل من عشرين نزح عشرون لان الحاصل في البئر نجاسة الفأرة فأرة ماتت في البئر وأخرجت فجاؤوا بدلو عظيم يسع عشرين دلوا بدلوهم فاستقوا منها دلوا واحدا أجزأهم وطهرت البئر لأن الماء النجس قدر ما جاور الفأرة فلا فرق بين ان ينزح ذلك بدلوا واحد وبين ان ينزح بعشرين دلوا وكان الحسن بن زياد يقول لا يطهر الا بنزح عشرين دلوا لان عند تكرار النزح ينبع الماء من أسفله ويؤخذ من أعلاه فيكون في حكم الماء الجاري وهذا لا يحصل بدلوا واحد وإن كان عظيما ولو صب الماء المستعمل في البئر ينزح كله عند أبي يوسف لأنه نجس عنده وعند محمد ينزح عشرون دلوا كذا ذكره القدوري في شرح مختصر الكرخي وفيه نظر لأن الماء المستعمل طاهر عند محمد والطاهر إذا اختلط بالطهور لا يغيره عن صفة الطهورية الا إذا غلب عليه كسائر المائعات الطاهرة ويحتمل ان يقال إن طهارته غير مقطوع بها لكونه محل الاجتهاد بخلاف المائعات فينزح أدنى ما ورد الشرع به وذلك عشرون احتياطا ولو نزح ماء البئر وبقى الدلو الأخير فهذا على ثلاثة أوجه اما ان لم ينفصل عن وجه الماء أو انفصل ونحى عن رأس البئر أو انفصل ولم ينح عن رأس البئر فإن لم ينفصل عن وجه الماء لا يحكم بطهارة البئر حتى لا يجوز التوضؤ منه لان النجس لم يتميز من الطاهر وان انفصل عن وجه الماء ونحى عن رأس البئر طهر لان النجس قد تميز من الطاهر واما إذا انفصل عن وجه الماء ولم ينح عن رأس البئر والماء يتقاطر فيه لا يطهر عند أبي يوسف وعند محمد يطهر ولم يذكر في ظاهر الرواية قول أبي حنيفة وذكر الحاكم قوله مع قول أبى يوسف وجه قول محمد ان النجس انفصل من الطاهر فان الدلو الأخير تعين للنجاسة شرعا بدليل انه إذا نحى عن رأس البئر يبقى الماء طاهرا وما يتقاطر فيها من الدلو سقط اعتبار نجاسته شرعا دفعا للحرج إذا لو أعطى للقطرات حكم النجاسة لم يطهر بئر أبدا وبالناس حاجة إلى الحكم بطهارة الآبار بعد وقوع النجاسات فيها وجه قولهما انه لا يمكن الحكم بطهارة البئر الا بعد انفصال النجس عنها وهو ماء الدلو الأخير ولا يتحقق الانفصال الا بعد تنحية الدلو عن البئر لان ماءه متصل بماء البئر ولم
(٧٧)