تلاها الامام على المنبر يوم الجمعة سجدها وسجد معه من سمعها لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه تلا سجدة على المنبر فنزل وسجد وسجد الناس معه وفيه دليل على أن السامع يتبع التالي في السجدة * (فصل) * وأما بيان مواضع السجدة في القرآن انها في أربعة عشر موضعا من القرآن أربع في النصف الأول في آخر الأعراف وفى الرعد وفى النحل وفى بني إسرائيل وعشر في النصف الآخر في مريم وفى الحج في الأولى وفى الفرقان وفى النمل وفى ألم تنزيل السجدة وفى ص وفى حم السجدة وفى النجم وفى إذا السماء انشقت وفى اقرأ وقد اختلف العلماء في ثلاثة مواضع منها أحدها ان في سورة الحج عندنا سجدة واحدة وعند الشافعي سجدتان إحداهما في قوله تعالى اركعوا واسجدوا واحتج بما روى عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفي سورة الحج سجدتان قال نعم أو قال فضلت الحج بسجدتين من لم يسجدهما لم يقرأها وهكذا روى عن عمر وعلى وابن عمر وأبى الدرداء رضي الله عنهم انهم قالوا فضلت سورة الحج بسجدتين ولنا ما روى عن أبي رضي الله عنه انه عد السجدات التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد في الحج سجدة واحدة وقال عبد الله ابن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم سجدة التلاوة في الحج هي الأولى والثانية سجدة الصلاة وهو تأويل الحديث وهذا لان السجدة متى قرنت بالركوع كانت عبارة عن سجدة الصلاة كما في قوله فاسجدي واركعي والثاني ان في سورة ص عندنا سجدة التلاوة وعند الشافعي سجدة الشكر وفائدة الخلاف انه لو تلاها في الصلاة سجد عندنا وعنده لا يسجدها واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قرأ آية السجدة في ص وسجدها ثم قال سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا وروى عن أبي سعيد الخدري أنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر سورة ص فنزل وسجد وسجد الناس معه فلما كان في الجمعة الثانية قرأها فتشوف الناس للسجود فنزل وسجد وسجد الناس معه وقال لم أرد أن أسجدها فإنها توبة نبي من الأنبياء وإنما سجدت لأني رأيتكم تشوفتم للسجود (ولنا) حديث عثمان رضي الله عنه انه قرأ في الصلاة سورة ص وسجد وسجد الناس معه وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد ولو لم تكن واجبة لما جاز ادخالها في الصلاة وروى أن رجلا من الصحابة فقال يا رسول الله رأيت كما يرى النائم كأني أكتب سورة ص فلما انتهيت إلى موضع السجدة سجدت الدواة والقلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أحق بها من الدواة والقلم فأمر حتى تليت في مجلسه وسجدها مع أصحابه وما تعلق به الشافعي فهو دليلنا فانا نقول نحن نسجد ذلك شكرا لما أنعم الله على داود بالغفران والوعد بالزلفى وحسن المآب ولهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله وأناب بل عقيب قوله مآب وهذه نعمة عظيمة في حقنا فإنه يطمعنا في إقالة عثراتنا وغفران خطايانا وزلاتنا فكانت سجدة تلاوة لان سجدة التلاوة ما كان سببها التلاوة وسبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الاخبار عن هذه النعم على داود عليه الصلاة والسلام وأطماعنا في نيل مثله وكذا سجدة النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة الأولى وترك الخطبة لأجلها يدل على أنها سجدة تلاوة وتركه في الجمعة الثانية لا يدل على أنها ليست بسجدة تلاوة بل كان يريد التأخير وهي عندنا لا تجب على الفور فكان يريد أن لا يسجدها على الفور والثالث أن في المفصل عندنا ثلاث سجدات وعند مالك لا سجدة في المفصل واحتج بما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصل بعد ما هاجر إلى المدينة (ولنا) ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة ثلاث منها في المفصل وعن علي رضى الله تعالى عنه أنه قال عزائم السجود في القرآن أربعة ألم تنزيل السجدة وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك وعن ابن مسعود قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم بمكة فسجد وسجد معه الناس المسلمون والمشركون الا شيخا وضع كفا من تراب على جبهته وقال هذا يكفيني فلقيته قتل كافرا وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ إذا السماء انشقت فسجد وسجد معه أصحابه ولأنه أمر بالسجود في سورة النجم واقرأ باسم ربك والامر للوجوب وحديث ابن عباس رضي الله عنهما
(١٩٣)