الأوقات فان صلوا في أحد هذه الأوقات لم يكن عليهم اعادتها لان صلاة الجنازة لا يتعين لأدائها وقت ففي أي وقت صليت وقعت أداء لا قضاء ومعنى الكراهة في هذه الأوقات يمنع جواز القضاء فيها دون الأداء كما إذا أدى عصر يومه عند تغير الشمس على ما ذكرنا فيما تقدم ولا تكره الصلاة على الجنازة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر قبل تغير الشمس لان الكراهة في هذه الأوقات ليست معنى في الوقت فلا يظهر في حق الفرائض لما بينا فيما تقدم ولو أرادوا أن يصلوا على جنازة وقد غربت الشمس فالأفضل أن يبدؤا بصلاة المغرب ثم يصلون على الجنازة لان المغرب آكد من صلاة الجنازة فكان تقديمه أولى ولان في تقديم الجنازة تأخير المغرب وانه مكروه * (فصل) * وأما بيان من له ولاية الصلاة على الميت فذكر في الأصل ان امام الحي أحق بالصلاة على الميت وروى الحسن عن أبي حنيفة ان الامام الأعظم أحق بالصلاة ان حضر فإن لم يحضر فأمير المصر وان لم يحضر فامام الحي فإن لم يحضر فالأقرب من ذوي قراباته وهذا هو حاصل المذهب عندنا والتوفيق بين الروايتين ممكن لان السلطان إذا حضر فهو أولى لأنه امام الأئمة فإن لم يحضر فالقاضي لأنه نائبه فإن لم يحضر فامام الحي لأنه رضى بإمامته في حال حياته فيدل على الرضا به بعد مماته ولهذا لو عين الميت أحدا في حال حياته فهو أولى من القريب لرضاه به الا انه بدأ في كتاب الصلاة بامام الحي لان السلطان قلما يحضر الجنائز ثم الأقرب فالأقرب من عصبته وذوي قراباته لأن ولاية القيام بمصالح الميت له وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد فاما على قول أبى يوسف وهو قول الشافعي القريب أولى من السلطان لأبي يوسف والشافعي ان هذا أمر مبنى على الولاية والقريب في مثل هذا مقدم على السلطان كما في النكاح وغيره من التصرفات ولأن هذه الصلاة شرعت للدعاء والشفاعة للميت ودعاء القريب أرجى لأنه يبالغ في اخلاص الدعاء واحضار القلب بسبب زيادة شفقته وتوجد منه زيادة رقة وتضرع فكان أقرب إلي الإجابة ولأبي حنيفة ومحمد ما روى أن الحسن بن علي لما مات قدم الحسين بن علي سعيد بن العاص ليصلى عليه وكان واليا بالمدينة وقال لولا السنة ما قدمتك وفى رواية قال لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التقدم لما قدمتك ولان هذا من الأمور العامة فيكون متعلقا بالسلطان كإقامة الجمعة والعيدين بخلاف النكاح فإنه من الأمور الخاصة وضرره ونفعه يتصل بالولي لا بالسلطان فكان اثبات الولاية للقريب انفع للمولى عليه وتلك ولاية نظر ثبتت حقا للمولى عليه قبل الولي بخلاف ما نحن فيه أما قوله إن دعاء القريب وشفاعته أرجى فنقول بتقدم الغير لا يفوت دعاء القريب وشفاعته مع أن دعاء الامام أقرب إلي الإجابة على ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاث لا يحجب دعاؤهم وذكر فيهم الامام ثم تقدم امام الحي ليس بواجب ولكنه أفضل لما ذكرنا انه رضيه في حال حياته وأما تقديم السلطان فواجب لان تعظيمه مأمور به ولان ترك تقديمه لا يخلو عن فساد التجاذب والتنازع على ما ذكرنا في صلاة الجمعة والعيدين ولو كان للميت وليان في درجة واحدة فأكبرهما سنا أولى لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتقديم الأسن في الصلاة ولهما أن يقدما غيرهما ولو قدم كل واحد منهما رجلا على حدة فالذي قدمه الأكبر أولى وليس لأحدهما أن يقدم انسانا الا باذن الآخر لان الولاية ثابتة لهما الا انا قدمنا الأسن لسنة فإذا أراد أن يستخلف غيره كان الآخر أولى فان تشاجر الوليان فتقدم أجنبي بغير اذنهما فصلى ينظر ان صلى الأولياء معه جازت الصلاة ولا تعاد وان لم يصلوا معه فلهم إعادة الصلاة وإن كان أحدهما أقرب من الآخر فالولاية إليه وله أن يقدم من شاء لان الابعد محجوب به فصار بمنزلة الأجنبي ولو كان الأقرب غائبا بمكان تفوت الصلاة بحضوره بطلت ولايته وتحولت الولاية إلى الابعد ولو قدم الغائب غيره بكتاب كان للأبعد أن يمنعه وله أن يتقدم بنفسه أو يقدم من شاء لأن ولاية الأقرب قد سقطت لما ان في التوقيف على حضوره ضررا بالميت والولاية تسقط مع ضرر المولى عليه فتنقل إلى الابعد والمريض في المصر بمنزلة الصحيح يقدم من شاء وليس للأبعد منعه ولان ولايته قائمه ألا ترى ان له أن يتقدم مع مرضه فكان له حق التقديم ولا حق للنساء والصغار والمجانين في التقديم لانعدام ولاية التقدم ولو ماتت امرأة ولها زوج وابن بالغ عاقل فالولاية للابن دون الزوج لما روى عن عمر رضي الله عنه انه ماتت له امرأة
(٣١٧)